رئيس التحرير
عصام كامل

موضة «الهجوم على الحكومة»!


أسهم الإعلام مع غيره من عوامل الاحتقان السياسي والاجتماعي، في تدهور الأخلاق، وصار الهجوم على الحكومة - وزرائها ومسئوليها - موضة لا تحكمها قواعد مهنية ولا موضوعية، ولا يردعها أصول ومواثيق الشرف، وهو فخ وقع فيه للأسف كثير من إعلاميينا، حتى بدا الأمر كأنه تصفية حسابات أو استعراض عضلات أو سعي محموم نحو إحراز السبق الإعلامي على حساب الأخلاق، فوقعت التجاوزات بالجملة، وطالت شظاياها أبرياء عجزت تشريعات المجتمع وضمائره عن حمايتهم.


وصار انتقاد الحكومة ورئيسها شيئًا هينًا، فإذا تكلم مثلًا جرى تصيد أخطائه، وتعرض لنقد قاسٍ، وتعامل البعض مع تصريحاته على طريقة "ولا تقربوا الصلاة".. وإذا سكت اتُهم بتجاهل الرأي العام، وخلق مساحات من الغموض، تتسلل منها الاجتهادات الخاطئة والتأويلات المغرضة التي تصب دائمًا في غير صالحه.

وكان طبيعيًا أن تتحول حكومتنا التي اعتادت طيلة العقود الماضية، على التعامل مع الإعلام بطريقة "ودن من طين وأخرى من عجين"، إلى الاهتمام بما تنشره وسائله المختلفة، فاستعانت كل وزارة بمتحدث إعلامي من بين مهامه مخاطبة الرأي العام.. لكن ذلك للأسف لم يفلح في كسر الفجوة المتزايدة بين الإعلام والمسئولين من ناحية، وبينهم وبين المواطنين من ناحية أخرى.

وحين جاء رئيس وزراء نشطًا ميدانيًا، لا يكف عن النزول للشارع ومخالطة الناس، وتفقد مواقع العمل والإنتاج، لم يسلم من النقد والمآخذ.. فكيف يترك وضع السياسات والإستراتيجيات وينشغل بالإجراءات والمهام الميدانية؟!.. وإذا جاء رئيس وزراء جديد وقلل من حركته الميدانية، اتهمه البعض بالتقصير والاكتفاء بتقارير مكتبية منفصلة عن الواقع.

وحين يخص هذا المسئول أو ذاك، الصحف القومية بتصريحاته وحواراته - وهي ظاهرة تراجعت بالفعل بعد الثورة - تهاجمه الصحف الخاصة والحزبية التي تصدرت المشهد بعد الثورة.. وإذا فعل العكس تذمرت الصحف القومية.

الهجوم الإعلامي على المسئولين يحمل أحيانًا جانبًا من الصحة، ويجانبه الصواب أغلب الوقت، حتى صار المسئول مظلومًا يناله انتقاد يبلغ حد التجريح والشطط غير المقبول، الأمر الذي جعل قبول منصب الوزير أو المحافظ مثار تردد أو رفض، حتى صرنا نسمع بين الحين والآخر عن اعتذار كثير من الشخصيات العامة عن قبول تلك المناصب، وهو ما يجعل اختيار المسئولين من الصعوبة بمكان.

alyshem51253@gmail.com
الجريدة الرسمية