عندما يصبح التزوير مطلبا شعبيا
وقف صحفي كبير ساخرا أمام واحد من كبار قادة الحزب الوطني قائلًا: إذا كان الشعب المصري يبارك خطاكم في كل كبيرة وصغيرة، فمن هذا المنطلق فإنني أؤكد لكم أن الشعب ليس لديه مانع من تزوير الانتخابات سواء في الشعب أو الشورى.. فقط يا سيدي نحن نبارك التزوير، ونرحب به، وليس لنا إلا شرط وحيد.. تهلل وجه الرجل متسائلا: ما هو الشرط الذي تراه مطلبا جماهيريا؟!!
قال الصحفي: شرط الشعب أن تختاروا الشخصيات التي تقومون بالتزوير لها.. بمعنى.. اختاروا شخصيات قادرة وقوية ومحترمة وزوروا لها، ونحن معكم.. هنا قاطعه القيادي الحزبي قائلا: «جرى أيه يا أستاذ.. أستورد لك ناس من برة يعني؟!».. ضحك الجميع.. نعم، ضحكوا!!
هكذا كان القادة يرون الشعب، يرون الناس، ينظرون من نافذة الفساد الذي شمل الجميع، ونال الكل، كانوا يرون أن البحث عن الاحترام والقدوة والقوة إنما يكون في استيراد شخصيات من خارج القطر، سقط النظام الذي كان يرانا جميعا غير جديرين بمناطق من القوة، والقدرة، والاحترام، وجاء بعده نظام أيقنّا معه أن رؤية الحزب الوطني كانت تنسحب على تيارات كثيرة، أهمها جماعة الإخوان، التي أظهرت بالفعل حكمة الرجل الذي كان قياديا بالحزب الوطني!!
سقط نظام الإخوان ومعه سقط برلمان اللاقدرة، واللاقوة، واللا احترام، وجاء نظام ٣٠ يونيو ليعيد إلى ثورة يناير قيمتها وحيويتها، غير أنه جاء غير متصالح معها.. وبين تيارات الشد إلى مساحة اللا احترام، وأمل القفز إلى الأمام، وإلى ساحات القدرة والقوة، جاء مجلس النواب الجديد، متسما بهذا المزيج المبهر من فسيفساء تختلط فيها ألوان الماضي - الذي لم يكن يرى فينا لا قدرة ولا قوة ولا احتراما - وألوان المستقبل المبهجة التي تؤكد أننا في طريق قد ينتج ثمارا طيبة!!
ومع أول جلسة لمجلس النواب، فإننا ندعوكم إلى متابعة هذه الفواصل الممتزجة بتناقض الألوان.. وتذكروا معي حكيم الحزب الوطني القديم، وحلم الصحفي الساخر عليهما رحمة الله.