الحُزن الوطني الجديد
الذي يتابع مجريات الأمور مع جماعة "في حلب مصر"، المسماة حديثا "دعم الدولة المصرية"، لصاحبها سامح سيف اليزل وشركاه، يدرك أن ملامح الحياة السياسية فيما هو قادم شيخوخة مسيطرة وعقلية أقدم بقليل من ذهنية الحزب الوطني الديمقراطي، ليصبح "حزنا" ديمقراطيا جديدا.
أما المتابع للأحزاب التي اختارت الانضمام إليها، فإنه بمثابة متابع لجنازة حارة يكتشف عند قبرها أن الراحل "لولو بيهوهو"؛ إذ أن أحزابا مثل مستقبل وطن والوفد قد اختارت أن تكتب شهادة وفاتها بالانضمام إلى الجبهة المزعومة؛ حيث تذوب تلك الأحزاب داخل كيان هلامي غير واضح المعالم، وتبقى الفرصة أكثر اتساعا أمام الأحزاب التي لم تنصهر داخل كيان لا يستطيع أمهر الخبراء في السياسة، أن يفسر طبيعته أو منهجه، سوى أنه جماعة من المتناقضين والمبعثرين والمنتمين إلى أقوام،بدأوا بأهل الكهف ولم ينتهوا عند فرق الروك الموسيقية.
حزب المصريين الأحرار الذي اختار موقفا واضحا منذ البداية، اتضح أن القائمين عليه أكثر إدراكا لحجم الخطر الاندماجي، ومن المناورة اختار المبادرة بما يمكن أن نسميه الحرص على تثبيت الهوية المنهجية للحزب، والاستفادة من هذا التكتل المتضخم، واستغلال ثغرات التضخم والتناقض؛ لتأكيد هويته السياسية في أولى تجاربه تحت القبة.
على نفس المنوال، سارت جماعة ياسر برهامي ورفضت بشدة الذوبان في الكيان الهلامي؛ حرصا على هويتها ومحاولة لاستغلال هذا التجمع في ممارسة المعارضة، وفقا لنظرية التناقض، تحت شعار إنما يظهر الضد ضده، أما الذين انضموا فإنهم قد أعلنوا حالة الذوبان الفكري دون ثمن، بمعنى أنهم سلموا أفكارهم وبرامجهم لكيان قادم من عمق التباين اللوني المذهل في صفوفه بداية من طبقة "الحالبين لمصر، ومرورا حتى الوصول إلى المحبين لمصر".
الصورة الذهنية الآن، أننا أمام تكتل يتضخم بتجاعيد لا تقل ترهلا عن نهايات حزب مبارك، وكيانات أخرى ستنطلق إلى حيث الذات السياسية، واكتساب أرضية أوسع، وفق المزاج العام للمصريين، الذي لا يطمئن أبدا لفكرة الهيمنة ويتصرف مع فكرة الأغلبية بحرص شديد.