آفات ما قبل الحصاد
الكثير لا يريد أن يُرهق بدنه في تجهيز الأرض للزراعة، وإن كانت جاهزة فليس لديه استعداد لبذر البذور، وإن بُذرت لا يرويها ولكنه في حالة ترقب دائم ليوم الحصاد، هؤلاء هم آفات ما قبل الحصاد، ولكنهم يزاحمونك في أخذ نصيبهم من المحصول، وهذا إن رُزقنا وكان هناك محصول يُجمع.
هذه الآفات تجدها في كل مؤسسة من مؤسسات الدولة، يعرقلون الساعين نحو تحقيق الذات، المبتكرين والمبدعين الباحثين عن دور في مسرحية بلا قصة وبلا مخرج وبلا ممثلين، ولكن هناك الكثير والكثير من المشاهدين والمصفقين والمهللين، ربما لأنهم يرون ما لم يستطيع المبدعون رؤيته، ولكن من المؤكد أنهم منتفعون بما يفعلون.
والعجب العُجاب أنه وبرغم هذا الكم الهائل من الآفات، هناك محصول وهناك من يزرع وهناك من يروي، ولكن يظل هناك شيء واحد يُظلم في الأجواء هو أن من يأكل الكثير هو من لا يفعل شيئا.. ومن زرع وحصد مات تعبًا وجوعًا، فهذه الآفات تحاول أن تنشر وتقر ثقافة "التنبلة"، رافعين راية "تشتغل كتير تموت من الجوع".
تتعجب حينما تعلم أن أكبر الدول المتقدمة تعتمد فقط على سبعة في المائة من علمائها ومبدعيها، من مجموع تعادل سكانها وموظفيها، وتستعجب أن هذه النسبة تزيد في دول العالم الثالث وبجودة أعلى، ولكن تظل العناصر المساعدة هي المحدد الأكبر لظهور المنتج النهائي، الذي يعود على الدولة بالتقدم والعلو، وبالطبع ميزانية البحث العلمي التي تُصرف بالكامل وببذخ على البحث العلمي فقط، تحت إستراتيجية وسياسة وتسير في ركب أيديولوجية الدولة المتقدمة نفسها.
أما في دول العالم الثالث فنجد العجب، الرئيس يضطهد مرءوسه ويغار منه ويعرقله، ويخشى أن يأخذ مكانه، وهكذا تسير الأمور، الكل يعرق الكل، والمشاهدون يضحكون والمهللون غير مشاركين في الأحداث، هم من ينتفعون، والكل يحاول استمالة رضاهم.
فتغيير ثقافة المجتمع لا بد أن تبدأ من تغيير ثقافة موظفي مؤسسات الدولة، التي هي انعكاس لثقافة المجتمع المحيط بهم، ولكن هناك من يحاول أن يبدأ بالتغيير وهو مدرك تماما بما يحيط به من معوقات، ولكنه يحاول أن يضيء الشمعة الوحيدة التي صنعها من عرقه وجهده وأعصابه، لتضيء الطريق لمن حوله، فهم صُناع الحياة.. وسأحاول في مقالات قادمة، إلقاء الضوء على مجهوداتهم لكي تنير لهم الطريق.
فلك الله يا مصر حماك الله ورعاك..