رئيس التحرير
عصام كامل

الحكومات مرآة الشعوب


الكل يريد أن يعيش المثالية في كل شيء، والكل ينقد الك،ل والكل يعلق الفشل الذي نعيشه على الحكومة، ونحن من يصنع الحكومات، ونحن من ننتخب أسوأ من يمثلنا، ونحن لا غيرنا من ينهج السلوك السيئ أو على الأقل يغض البصر عنه ويتحاشاه حتى لا يصيبه مكروه، إذًا فالتغيير لا بد أن يبدأ من أنفسنا نحن؛ لأننا نحن لا غيرنا من يعلم أطفالنا منذ نعومة أظافرهم عدم المبالاة حتى أصبحوا يتكلمون لغة غير لغتنا، ويفكرون بمنهجية مختلفة، فضاعت القيم وفقدنا الأمان المنشود؛ لأنهم ببساطة شديدة فهموا الحرية خطأ، فكسروا كل القيود، وعندما يتظاهرون يحرقون ويدمرون ولا يبالون بما يصنعون، ولكنهم وحدهم من سيدفع الثمن، ونحن معهم نبكي دمًا وهم يهللون فرحا من انتصار زائف سيدركونه يومًا.


فعندما حُرقت أقسام الشرطة وهلل البعض مِن مَن يناصرون الجماعات الإرهابية وانكسرت الشرطة واستشهد من استشهد منها، ولم يلاق أهالي الشرطة التبجيل اللائق لهولاء الشهداء العظماء من قبل الإعلام أو الشعب، انهار كل شيء في قلوب وعقول أفراد وزارة الداخلية، فنعم عادت الداخلية بكامل قوتها ولكن الأقسام محاطة بمبانٍ أسمنتية تعزل الأقسام والوزارة والهيئات الشرطية بما فيها مستشفيات الشرطة عن بقية الشعب.. نعم لأن هناك من يستهدفها من الإرهابيين بمتفجراتهم اللعينة، ولكن هناك حاجزا أسمنتيا آخر أكبر بين أفراد الشرطة وبين الشعب يلزمه الكثير من الوقت لهدمه، نعم أسمعها من الكثير من كبار رجال الشرطة أنهم يَشُكون في أن يكون هناك من يدبر لهم المكائد لقتلهم، فلذلك فهم مطباطئون في تلبية استنجاد الشعب بهم.

فالحكومات ليست وزراء فقط، فالحكومات هم ستة أو تسعة ملايين موظف في الدولة، هم دولة داخل الدولة، هم من يشكلون القرارات، وهم من يتعاملون مع بقية الشعب، وهم أنفسهم من يسيئون إلى الحكومة نفسها، وهم أيضًا من يلعنون البلد والفساد، وهم يشاركون في صنع كل فساد، هم جزء كبير من الشعب، وهم الشعب نفسه؛ لأن الباقي من الشعب يرد الفساد الإداري لهولاء من خلال عملهم العام أو الخاص، وكأننا نكيد لبعضنا البعض المكائد ونشارك في إطفاء الأنوار، ونحجب بأيدينا نور الشمس ونغمض أعيننا ونجلس فرادى نلعن الظلام ونحن من صنع هذا الظلام.

نعم هناك مؤامرات خارجية ومكائد شيطانية داخلية، ولكن في الآخر نحن لا غيرنا من سمح لهذه المؤامرات والمكائد بأن تنجح.

هناك على أرض مصر تسعون مليون ناقد سياسي واقتصادي، نقارن أنفسنا بالغرب، وعندما وقع الغرب ضحية للإرهاب نهجوا نهجنا الذي هاجمناه، وأسقطنا الشعارات الحارقة بسقوط حكم العسكر وسقوط حالة الطوارئ، وهاجمنا الشرطة بأنها لم تراعِ عملها، فنحن نهاجم دائما الحكومة على الظواهر الطبيعية المدمرة، ولا نشارك في حلها، فعندما أغرقت السيول بعض المحافظات هاجمنا الحكومة، ولكن لم نسمع أي شعب في أي دولة أغرقها السيول تهاجم حكومتها كما نفعل نحن، فنحن لا نضع الكوارث في حجمها الطبيعي، فدائما هناك شماعات نعلق عليها فشلنا.

فأصبحت الحكومات من كثرة النقد لا تستمع بل تكذب، والشعب يشكو، والحكومات توعد وأصبحنا نعيش في قرية من الكذب، الكل يكذب ويحاول إخماد النيران لا إطفائها، فنحن من يشعل النيران ونحن من قادر على إطفائها، فأنا لا أدافع عن الحكومة بل أضعها في خندق واحد مع الشعب؛ لأن الحكومات مرآة الشعوب.

فلك الله يا وطني العزيز حماك الله ورعاك.
الجريدة الرسمية