رئيس التحرير
عصام كامل

التفسير الكيميائي لمحلب وإسماعيل


على عهدة الأطباء نقول إن المهندس إبراهيم محلب كان مصابا بداء زيادة النشاط، وهو الداء الذي يفرض على صاحبه الحركة الدائمة دون توقف.. حركة من أجل الحركة لا هدف ولا غاية.. فقط الحركة هي الهدف والملاذ والغاية.

سقط محلب في الامتحان، ولم يقدم للوطن شيئا، بل عطل أشياء كثيرة، خاصة أن سيادته لم تكن لديه رؤية.. فقط كان لديه نشاط زائد بثه في جولات مكوكية على أقسام الشرطة، والمجالس المحلية، وأرصفة الطرق.. جاء محلب وذهب دون أن يترك شيئا للناس، إلا التندر بحركته السريعة.

وعلى عهدة نفس الأطباء، فإن المهندس شريف إسماعيل خامل، والخامل في علم الكيمياء هو العنصر الذي لا يتفاعل مع غيره.. هكذا شريف إسماعيل.. خامل لا يتفاعل مع العناصر الأخرى، سواء كانت تلك العناصر أفرادا في حكومته، أو قضايا تطرحها الساحة من حوله، ولعل المتابع لتحركات المهندس شريف إسماعيل يدرك وبسهولة حجم خمول سيادته.. حتى ملامحه خاملة لا تستطيع من خلالها قياس رد فعله على أمر من الأمور.

وعلى حسب الخبراء السياسيين، فإن العنصرين لا يؤديان إلى نتائج جيدة، فالعنصر النشط يصبح خطرا إذا لم يتم وضعه في تجربة تناسبه، ولذلك يرى البعض أن محلب مقاول بناء من الطراز الأول، وفي ذات الإطار فإن الخبراء أنفسهم يرون أن العنصر الخامل له اشتراطات في الاستخدام الكيميائي، ليس من بينها إضافة هذا العنصر ليصبح بطل تجربة، وعليه فإن وجود المهندس شريف إسماعيل هو ظلم لسيادته وظلم بيّن للشعب.

قد يقول قائل إننا لم نمنح إسماعيل فرصة حتى نحكم عليه بها، ولهؤلاء نقول: "الجواب بيبان من عنوانه"، والعنوان الذي نراه حتى تاريخه ينبئ بما هو ليس في صالحنا، أو صالح الرجل، وكما يقولون "كل ميسر لما خلق له"، والمهندس شريف إسماعيل لم يخلق لمهمة تحتاج إلى توفر الحضور والبديهة والإبداع والإرادة والقدرة على إدارة الأزمات.

وحتى نفهم الفارق بين الرجلين، فإننا لا بد أن نعود لوصفهما كيميائيا، فالغاز الخامل كان يسمى هكذا حتى وقت قريب، إلى أن تغير هذا الاسم، فأصبحت تسمى الغازات النبيلة، ذلك أن لها تفاعلات نادرة، وتركيبها الداخلي ضعيف للغاية، ولها درجة ذوبان ودرجة غليان منخفضة جدا، لذا تراها على الحالة الغازية، وعلى هذا الأساس فإن المهندس شريف إسماعيل يعد شخصا نبيلا، إذا ما اكتسب صفات هذه الغازات، وأصبح تفاعله نادرا، وهو ما نراه بوضوح في شخصيته.

وإذا كانت الغازات النبيلة في المنتصف، فإن العناصر النشطة تكون في أقصى اليمين، ولنشاطها الزائد فإنه يمكن استلاب الإلكترونات منها، وتغيير صفاتها، وهو الأمر الذي ينطبق على المهندس إبراهيم محلب.. حركة دءوبة.. مستمرة.. بلا وعي.. تكون النتيجة الطبيعية فقدان أشياء كثيرة، من بينها القدرة على التركيز، والقيادة السليمة، والنتيجة المنطقية التي لمسناها عندما تولى محلب رئاسة الحكومة، هي إدراكنا أننا أخطأنا عندما اخترنا عداءً قويا يهزم أمهر العدائين في سباق الجري من المسئولية وليس نحوها.

والمهندس شريف إسماعيل يقع في منطقة الرماديات.. غير محدد المعالم.. باهت.. هلامي.. لا يمتلك أن يكون حادا، أو مستقيما، أو دائريا، ويصبح من الظلم أن نضعه أمام اختبار قاس وصعب؛ إذ مطلوب من سيادته أن يكون محددا، دقيقا، قادرا على اتخاذ القرار الصعب في الوقت الأصعب.. محلب يمثل ظاهرة «الضجيج بلا طحن»، وشريف هو الممثل الشرعي لما يمكن أن نسميه «لا ضجيج ولا طحن»، ونحن بحاجة إلى «طحن بلا ضجيج»!!
الجريدة الرسمية