البرلمان وقوانين خراب الأسرة المصرية
سيكون البرلمان المقبل مسئولا عن تعديلات تشريعية وقوانين غير دستورية دحضتها أحكام قضائية، أبرزها مواد بقانون تعديل إجراءات التقاضى في مسائل الأحوال الشخصية "الخلع"، وكذا قانون الطفل رقم 21 لسنة 2008 الذي تنص مادته رقم 54 على أن تكون الولاية التعليمية على الطفل للشخص الحاضن فقط.
ورغم أن القانون الأخير في تلك المادة تحديدا صدر بشأنه حكم قضائى للإدارية العليا، الدائرة السادسة برئاسة المستشار إدوارد غالب سيفين في الطعن رقم 7563، باسترداد الولاية التعليمية للأب غير الحاضن، ليعيد حق الولاية الكاملة للأب المطلق على أبنائه ومن ثم أحقيته في ممارسة الولاية التعليمية على أبنائه، كولي طبيعي عليهم، وثبوت مخالفة تعديل قانون الطفل للشريعة الإسلامية ويشوبه شبهة عدم الدستورية، إلا أن مستوى أداء جيش الموظفين في مصر لا يرقى إلى فهم ومتابعة تلك الأحكام وطبيعتها وتفسيرها.
الأزمة عشتها بنفسي مع واقعة حرمانى من حقى كأب وغير مطلق، من تمكين ابنى وابنتى من مدارس أصيلة التحقا بها في التعليم العام الابتدائى، تحت مزاعم أن أمهما تملك قرارا وقتيا بتمكينها من فتح ملفات أخرى بمنطقة سكن أخرى بعيدة عن مسكن الزوجية المستقر بالعاصمة، وفى مدرسة تجريبية يسلب نظام التعليم بها سنة من عمرهما الدراسي لحساب مناهج أقسى وأكثر تخلفا لا يقابلها إلا تفرغ أم وإنفاق أسرة على الدروس الخصوصية.
تخيل أن نفس جهة إصدار الأوامر الوقتية لا تقبل للزوج غير المطلق أيضا طلبا يضمن استعادة استقرار الأسرة واستعادة الأبناء لمكانهم الطبيعى بمنزل الأب، ليكون رد رئيس نيابة أن طلبات الأمهات والزوجات فقط هي التي تقبل في شئون مماثلة، ثم إن انفراد القانون الأعرج بتلك التوجهات التي تدعم خراب أسر وتزيد فرص ابتزاز الزوجات لأزواجهن، تخالف تماما حكم الإدارية العليا الصادر عام 2009 والذي مكن لزوج "مطلق" تحويل ابنته من التعليم العام إلى الأزهرى، بعد رفض مديرية التعليم والمحافظ تنفيذ طلبه وإلزامه باللجوء إلى المحاكم بدعوى أن الأم الحاضنة لا ترغب في هذا النوع من التعليم لأبنائها، وأن الفصل في تلك المسألة يخرج عن اختصاص جهة الإدارة، وهى حجج يرسمها موظفو الشئون القانونية بوزارة التعليم أمام الآباء ليشغلوا المحاكم مجددا بقضايا لا حصر لها.
نفس المحاكم التي لا تليق بجلسات تقاضى ولا تتفوق بناياتها وأثاثها عن عزب الصفيح كثيرا، يحيا القضاة داخلها في مناخ غير لائق يؤثر بالسلب على طريقة تعاملهم مع المتقاضين من الطرفين، وبالتالى يؤثر في ثقتهم بأحكام ربما ارتضوا بها بطريقة "لقمة من فم السبع"، خاصة الأحكام التي تنالها الزوجات بشأن النفقات المقررة لهن ولأبنائهن، وربما كانت عرائض دعاوى محاميهن بها من المبالغات المستفزة للقضاة في وصف دخول الأزواج.
لن تقوم لمجتمعنا نهضة طالما أسهمت قوانين في تغييب واهتزاز استقرار الأسر المصرية، خاصة أنها تطبق في مجتمعات انهارت فيها قدرات مادية واقتصادية لطبقات أصبحت إجراءات تقاضى أفرادها ضد بعضهم معبرة عن سوء الحالة النفسية لهم، إذا ما لاحظنا أن جملة 900 ألف عقد زواج سنوى تقريبا حسب جهاز التعبئة والإحصاء، يقابلها أكثر من 300 ألف عقد طلاق، بخلاف عقود الزواج العرفى غير المقيد رسميا المترتبة على سوء علاقات طرفى الأسرة المصرية ببعضهما.
الساسة والنشطاء منشغلون بدور البرلمان المقبل في تعديلات على قوانين تمس الحقوق السياسية على الأغلب، دون تقدير لحقوق أخرى اجتماعية وثقافية تمس استقرار الأسرة المصرية، لن يلتفت إليها نواب تسريبات وسيديهات نعود لسيرتهم في مقال جديد.