رئيس التحرير
عصام كامل

إقالة محلب.. ووهم رئاسة الوزراء !


قبل مفاجأة إقالة المهندس إبراهيم محلب بأربعة وعشرين ساعة، أكد المتحدث باسم مجلس الوزراء أنه لا يوجد نية لأى تعديل وزارى! وقبل ذلك بأسبوعين تسربت أخبار أن هناك تعديلا وزاريا معدا ومنتظر الاعتماد من الرئيس السيسي! وكانت المفاجأة التعديل يبدأ برئيس الوزراء الذي من المؤكد أنه سيأخذ عددا ليس بالقليل من الوزراء الذين اختارهم وعملوا معه.


وتحقيقا لمقولة التاريخ نفسه، أذكر أثناء تولى د.كمال الجنزورى رئاسة الوزراء في المرة الأولى في نهاية التسعينيات، ومحاولته خلق حالة روح جديدة تحت مسمى المشروع القومى لتوشكى الذي سيغير وجه الزراعة في مصر، ووسط اشتداد الشائعات بان هناك تعديلا وزاريا سيحدث بين الساعة والأخرى، قلت لاصدقائى: نحن في بلد بلا معايير وبالتالى لا أستبعد إقالة كمال الجنزورى نفسه..! سخر منى الجميع ولكن بعد أربع ساعات كانت المفاجأة المذهلة لهم، تم إقالة الجنزورى، وكتبت مقال "الحمد لله لست وزيرا" تعليقا على الاجتماع الأخير للوزارة برئاسة الجنزورى.

السؤال متى سيكون لدينا رئيس وزراء بمعنى الكلمة وليس مجرد مدير لمكتب الرئيس؟ ومتى سيكون لدينا مجلس وزراء حقيقى ليس مجرد طقم سكرتارية للرئاسة؟ متى سنعرف لماذا جاء ولماذا ذهب؟

الحقيقة التي لابد أن ندركها أن عدد الوزراء الذين جاءوا بعد 25 يناير وحتى الآن لهم ملمحان الأول أنهم هواة غير مؤهلين إلا ما ندر وبالصدفة، الملمح الثانى هو عددهم يفوق مثلا عدد الوزراء بعد 1952 وحتى 1970 فترة الرئيس محمد نجيب والزعيم جمال عبد الناصر، ولا يزال التجريب في الشعب المصرى مستمرا، فمن يصدق أن هناك وزارات في أقل من خمس سنوات تولاها ثمانية وزراء وأخرى سبعة وثالثة ستة وللأسف كل وزير يأتى يهدم مما حاول من سبقه بناءه بدعوى التجديد أو التطوير أو لأى سبب آخر، ولهذا لا يزال الأداء داخل جميع الوزارات أسوأ مما كانت عليه من قبل 25 يناير، ويتعاقب داخل الوزارات قيادات جهلة وغير مؤهلة وجبانة وبالتالى تسير إلى الوراء والإفساد الإداري الذي أراه أسوأ من الفساد المالى مليون مرة.

أعود للتغيير الوزارى علينا أن ننظر إلى الأداء الذي كانت عليه الحكومة السابقة، سنرى بداية أن المهندس محلب شكل الوزارة ثلاث مرات فيما يقرب من عامين وكان ينوى تعديلا رابعا، وهذا يكفى تدليلا على ارتباك وتواضع الأداء العام لحكومته، الأمر المهم أيضا انفصال الوزراء عن الجماهير تماما، واعتبر الكثير منهم الرغى وإصدار التصريحات الجوفاء التي كانت تعبر عن جهلهم هي الطريق الموصل للجماهير وهذا أمر دفعهم إلى الانعزال التام عن القاعدة الشعبية، يستثنى من ذلك بعض من حاول مثل وزير التموين وأيضا وزير الكهرباء وأعتقد أن الكثير شعر بتحسن التموين، وعدم انقطاع الكهرباء دليل نجاح وزير البترول -رئيس الوزراء الحالى - ووزير الكهرباء، هذا لا يمنع أن إبراهيم محلب بذل جهدا جبارا ولكنه جهد ليس في محله، فمثلا نزوله للشارع كان عمال على بطال، ومعظم هذه الجولات هي دور رؤساء الأحياء أو حتى المحافظين، وما قام به الرئيس السيسي في زياراته للخارج ومحاولة تنشيط العلاقات الاقتصادية وزيارة المصانع..الخ هذا دور رئيس الوزراء الحقيقى..!!

في النهاية أقول لابد أن نعرف لماذا جاء فلان ولماذا ذهب؟ ماذا حقق ولماذا أخفق ؟ لأن هذه الأسباب تصبح ورقة عمل لمن يأتى بعده، وعلينا أن نعترف حتى الآن لايزال مجلس الوزراء أشبه بسكرتارية لرئيس الجمهورية، فمتى سيصبح لدينا رئيس وزراء حقيقى ؟
الجريدة الرسمية