رئيس التحرير
عصام كامل

طارق حجى.. مش هتقدر تغمض بقك!!


وقف طالب الدكتوراه أمام لجنة المناقشة ليقول لهم في مقدمته إنه قرأ ألف مرجع وخمسمائة فصلية وأربعمائة مطبوعة دورية وراجع مائة رسالة سابقة و…… و…. قاطعه أحد الأساتذة قائلا له: إننا نقدر لك ذلك غير أننا لم نأت هنا لنشتم رائحة عرقك.. لقد جئنا لنرى نتيجة عملك.

تذكرت هذه الواقعة الحقيقية وأنا أشاهد الدكتور طارق حجى في حواره مع الإعلامي الكبير محمد شردى.. بعد مقدمة وصف فيها شردي ضيفه بالمفكر وطبعا كاتب وقال فيما قال إننا يجب أن نكون مستمعين عندما يتحدث طارق حجى.. التزمت بتعليمات الأخ محمد شردي وجلست منصتا بعد أن "شخطت في العيال" وفرضت عليهم طوقا من الصمت الرهيب "بتاع عبد الحليم حافظ" خاصة وأن شردي قد أمرنا نحن مشاهديه بالأدب في حضرة الأستاذ المفكر واعدا الجميع أن أيا منا لن يستطيع أن يغمض "بقه".

كان باديا على المفكر الكبير أنه من ذلك النوع " المفتخر ".. بدلة أنيقة.. يحرك يده اليسري دون اليمنى وذلك باعتباره مفكرا يدعو للحداثة.. يبتسم لشردي بين الحين والآخر ابتسامة واثق الخطوة بتاع أم كلثوم ومع كل هذه الأجواء يقول كلاما لاعلاقة له بعضه ببعض ومن طلقاته الفكرية التي قد تترك أثرا عميقا في الأجيال المتعاقبة أن السلفيين مثل الإخوان والإخوان مثل داعش … يااااااه.. الله يفتح عليك.

كان واضحا أن شردي قد ندهته النداهة.. كلما زارته الكاميرا بدا مندهشا، متعجبا، ومعجبا.. غارقا في هذا الكلام المرصوص الذي لا يشد بعضه بعضا.. أما المفكر اللوذعي الكبير فقد أطلق قنبلة فكرية أشد من قنبلة إيران النووية عندما قال لا فض فوه: "السلفيين اللي لابسين بدل هما اللي كانوا بيلبسوا جلاليب".. ياسلااااام فعلا مفكر كبير يحاضر في كافة جامعات العالم المتقدم واللى وراه كمان.

لقد أدهشني الرجل طوال أكثر من ساعة فرضت فيها صمتا على البيت وعلى نفسي خاصة وأنه فجر العديد من المفاجآت ومن بينها على سبيل المثال أن أعضاء البرلمان في السابق كانوا يتوسطون لذويهم من أجل التعيين "!!!!" ومفاجآت أخرى دفعتنى دفعا إلى اللجوء الفوري إلى عم الجميع السيد المحترم جوجل افندى معلومات وبحثت عن الرجل فقرأت في الموسوعة الحرة كلاما لم يكتب في الأنبياء ولم أقرأه في طه حسين ولا العقاد ولا المازنى.

قرأت أن الرجل حاصل على أرفع جائزة أدبية في إيطاليا ولكن للأسف لم يقل لنا عن أي عمل.. ربما كان طارق صاحب الثلاثية التي ادعي نجيب محفوظ أنه مالكه الوحيد، وقرأت أن طارق مفكر حاضر في كل جامعات العالم المتقدم ومع ذلك فقد عمل في جامعتين إحداهما مغربية والأخرى جزائرية.. أضف إلى ذلك أنه من منجزاته أنه كان موظفا كبيرا في شركة شل للبتروك وكلنا يعلم أن شل شاطرة في الزيت وهو الأمر الذي يفسر لنا كيف يقوم طارق بتزييت أفكاره.

تابعت حلقات أخرى مع الصديق محمد شردي حيث تبين لي أنه الإعلامي الوحيد الذي يستضيفه وهو الإعلامي الوحيد الذي يلتزم بمقدمة واحدة في كل حلقاته وهي التي تقوم على الجلوس منه مجلس المستمعين المنبهرين.

بحثت عن كتبه بالإيطالية أو الإنجليزية أو العربية ولكن لسوء حظى لم أجد.. تابعت حلقاته فأدركت أنني أجرمت في حق أولادي وأيقنت أنه وجب على تعويضهم عن ساعة كاملة قمت خلالها بتعذيبهم أشد أنواع العذاب عندما فتحت عليهم صنبورا من الكلام السطحي والساذج.

وقبل هذا وذاك قررت أن أفعل ما فعله أبو حنيفة النعمانى.. كان الفقيه المتفرد يجلس بين تلامذته عندما استأذنهم في أن يمد قدميه بسبب آلام في الركبة.. كان يدرسلهم وقدماه أمامه عندما دخل إلى المسجد رجل وقور يرتدي حلة من النوع الفاخر وتبدو عليه علامات الرصانة والوقار.. كانت هيبة الرجل قد هزت الفقيه الجليل فضغط على نفسه وغّير من جلسته.

تقدم الرجل إلى الإمام وقال له: أجبني إن كنت عالما يُعتمد عليه في الفتوى، متى يفطر الصائم ؟. ظن أبو حنيفة أن السؤال فيه مكيدة معينة أو مطب عميق لا يدركه. فأجابه على حذر: يفطر إذا غربت الشمس.

فقال الرجل بعد إجابة أبي حنيفة ووجهه ينطق بالجدِّ والحزم والعجلة وكأنه وجد على أبي حنيفة حجة بالغة وممسكًا محرجًا:
وإذا لم تغرب شمس ذلك اليوم يا أبا حنيفة فمتى يُفطر الصائم.
لم يكن من أبي حنيفة إلا أن يقول قولته التي أصبحت مثلا يردد: آن لأبى حنيفة أن يمد قدميه.. مددت قدميي وأطلقت ألسنة أسرتي واحتسبت الوقت الذي ضاع أمانة أهدرها علينا الأخ محمد شردى.
الجريدة الرسمية