وراء كل "بشير عياد"...امرأة !!
"والله قضيت طوال اليوم في انتخابات اتحاد الكتاب، وبصراحة قلت فرصة أصور الجيل الذي تجاوز الثمانين، د/حسن فتح الباب، الأديب محمد جبريل، الشارونى وغيرهم، دول إحنا محتاجين صورهم بكرة !!".
ورحل بشير عياد صاحب الخمسة وخمسين عاما ولا يزال من تجاوزا الثمانين- أطال الله في أعمارهم -على قيد الحياة، كان يعتز بالأساتذة الكبار وحلم أن يوثق حياتهم.
تحول إلى هيكل عظمى ولم يعد يفيق إلا ليعود للغيبوبة، لم يعد المشاغب الذي يجرى هنا وهناك، يكتب شعرا، أغانى، مقالات، ندوات، سفريات، كل هذا كان أمرا سهلا وميسورا وطبيعيا في حياة الشاعر الصحفى الإنسان بشير عياد، ولكن مرض الكبد كسر حيويته، لدرجة أنه أصبح هيكلا عظميا، وعن هذا قال بشير:
"تحولت إلى شبح عندما أجبرونى في جريدة "فيتو"على الكتابة، فكانت زوجتى تنزل يوميا لإحضار الصحف والمجلات وتضبط التليفزيون على قنوات الأخبار وبطريقة ما أجلس، وكان منظرى قاسيا جدا، ولكن كنت مضطرا للمتابعة كى أكتب كتابة صحيحة، ولا أعتمد على الملخص الذي كانت زوجتى تعده لى، الغريب أننى كنت أكتب جزءا ثم أذهب في غيبوبة أو متاهة ثم أكتب جزءا وأغيب عن الدنيا وتتولى زوجتى كتابة الأجزاء التى انتهيت منها على الكمبيوتر ثم نرسله على الإيميل".
ويضيف بشير: أصبح لدى زوجتى أربعة أطفال (نوران، سلوان، محمد) أبنائى الثلاثة أكبرهم كان في السنة السادسة بالمرحلة الابتدائية، فأنا تزوجت متأخرا، أما الطفل الرابع لدى زوجتى كنت أنا، بل كنت الطفل الذي تعطيه حق الرعاية المطلقة.
كان عندما يتحدث "بشير" عن زوجته لا يتحدث عن زوجة من هذا الزمان، يتحدث عن إنسانة أقرب إلى الخيال، فيقول: طبيعى كل زوجة تغار على زوجها من أي أنثى أخرى، ولكن زوجتى كانت تفاجئنى بتسجيلات لأولى حفلات نانسى عجرم أو إليسا والهدف حتى أعرف وأتعرف على أحدث شىء على الساحة الغنائية حتى لو كتبت يكون لدى المعلومات، كانت تثق في وأيضا عاملا مساعدا مهما في توفير ما يلزمه الكاتب من معلومات.
وفى مقدمة كتاب "دولة الإخوان الابتدائية المشتركة" كتب بشير عياد إهداء هو ملخص فترة صعبة وأيضا كان فيها مؤمنا راضيا متمسكا بالأمل في الله سبحانه وتعالى يقول بشير بقلمه:
"إلى الأستاذ الدكتور محمد إبراهيم -أستاذ الكبد والجهاز الهضمى بطب قصر العينى- الذي مد يديه الحانيتين فكانتا طوق النجاة وأنا أصارع دوامات الألم، وإلى أسرة تحرير جريدة "فيتو" زملائى الأوفياء الذين أجبرونى على الكتابة لأقتنص الفواصل بين الغيبوبة والغيبوبة لأكتب عدة أسطر، فأشعر أننى على قيد الحياة.. وإلى زوجتى التي لا يكفى العمر كله لإيفائها ما يليق بصمودها، وإلى أطفالى (نوران، سلوان، محمد) الذين تعلقت دموعهم في سقف الغرفة المظلمة فأضاءت لى ومدت لى خيوط الأمل".
انتهت سطور كلمة بشير عياد وربما يراها البعض أنها مجرد كلمات ولكن في الحقيقة رسائل ستظل مضيئة لمن يعرف قيمة الإنسانية التي حملها هذا البشير بين أضلاعه التي كانت تئن من المرض.
ذهب بشير عياد بجسده ولكنه سيظل بشعره وكتاباته وإنسانيته بيننا.. ولكن الذي وددت الإشارة إليه هو زوجته الإنسانة الرائعة التي تؤكد وراء كل عظيم امرأة.. تحية لها وبارك الله فيها وأولادها وأعانها الله على رعاياتهم وليكونوا أبناء بشير نفتخر بهم جميها... سلام عليك بشير والصبر والسوان لنا جميعا.