رئيس التحرير
عصام كامل

دع الآلم.. وابتسم.. لتعيش الحياة !!



بعيدا عن السياسة والموضوعات التي نراها أنها أهم ما في الكون، بالرغم من أن أهم ما في الكون هو الإنسان، الذي خلق الله الكون كله لخدمته، وبالتالى يظل الإنسان هو المقدم على كل الأحداث وعلى كل شىء، أليس هو خليفة الله على الأرض؟ باختصار شديد كلنا نعانى من المشاكل اليومية أو الحياتية، فمثلا الكثير منا يكاد يلطم الخدود بسبب نقص المال أو لأنه عنده صداع أو أو...الخ


لا بأس فنحن لحم ودم ولنا أن نتألم، بل ونصرخ إذا كان الأمر يستحق. ولكن التقيت بإنسانة جميلة بل في غاية الجمال، دائمة الابتسام، رشيقة، شديدة الحيوية، لا يبدو على أنها متزوجة بالرغم أننى كنت أعتقد أنها في بداية الثلاثينيات، لفتت نظرى وأعجبتنى لدرجة فضولى الصحفى جعلنى أحاول التعرف عليها أكثر من أنها صاحبة المكتب الهندسى.

 لم أبذل مجهودا فهى انطلقت بالحوار بشكل تلقائى وبفطرة إنسانية مدهشة وكأننا نعرف بعضا من سنوات، وهالنى ما سمعته، أنها متزوجة ومقبلة جدا على الحياة، وأنها فقدت ابنها وهو طفل ولم تشعر بالإحباط من الحياة، والمفاجأة المذهلة أنها حملت عشر مرات وفى المرات العشر تفقد جنينها في الشهر الخامس أو السادس!!

ياسبحان الله عشر مرات وتفقد طفلها جنينا وهو الشهر الخامس أو السادس، وتكمل كلامها والابتسامة على وجهها بكل رضا بقضاء الله وتقول: أحمد الله ومازلت أتمسك بالأمل بالأمومة بالرغم من سن الأربعين، ويعلو صوتها وهى تضحك وأحسست وكأن الكون يضحك معها أن أهلي وأهل زوجى يحسدوننى على أننى مبتسمة ومقبلة على الحياة.

هذه القصة جعلتنى أتذكر قصة أحد شباب قريتى سقط من قطار طنطا وبترت إحدى ساقيه، ذهبت إلى المستشفى، وجدته راضيا بقضاء الله هادئا وتحدث معى وحسدته لقوة إيمانه وصبره وتقبله لقضاء الله، عدت إلى قريتى أنا المريض وليس من بترت إحدى ساقيه، والمدهش بعد عدة شهور نزلت البلد وجدته يقود "جرارا" وسألت كيف يحدث هذا؟ قيل لى إنه أجرى تعديلا في الجرار حتى يناسب ظروفه..لم أصدق ولم أقتنع بصحة ما يحدث، الغريب عاش بعدها ثلاثين عاما على الجرار وتزوج وأنجب ولكن طوال عمله كسائق لم يحدث منه خطأ وحيد أو تسبب في حادث، وسبحان الله.

وأذكر الطفل شريف أبوسنة الذي ولد مشوها بيد واحدة عبارة عن ثلاثة أصابع وساق واحدة وأخرى مبتورة، وكاد يجن الأب واستقال من الجيش من أجل علاج ابنه، وهذا الشريف وهو في عمر ستة عشر عاما حصل على ست ميداليات ذهبية أوليمبية والميدالية السابعة لكونه أفضل بطل في أولمبياد سول، وكان يحتكر مسابقات الخطوط طفلا وشابا، وبعيدا كل هذه النماذج عميد الأدب العربى د.طه حسين الذي فقد بصره وهو طفلا في إحدى قرى الصعيد الفقيرة، ولكنه تحدى الفقر والمرض وفقدان البصر وأصبح عميدا للأدب العربى، وبل يعد الأبرز في الفكر الإنسانى العربى والعالمى.

من المؤكد حياتنا مليئة بالكثير من النماذج التي تستحق الاحترام ويجب نأخذها قدوة في الحياة لنقوى أنفسنا على ضعفها أم صغائر المشاكل، صديقى القارئ
إننى أدعوك وأدعو نفسى أن نقاوم من أجل الحياة ونبتسم لها.
إننى أدعوك.. دع الألم وابدأ الحياة من جديد..!!
الجريدة الرسمية