رئيس التحرير
عصام كامل

هل تطيح المطالب «الفئوية» بحكومة محلب؟


لم يعد أمام حكومة المهندس إبراهيم محلب وقتا أكبر مما قضته في خدمة المواطنين، أو قل تنفيذ جزء من مهام انتقالية بخارطة الطريق، ولم يعد لديها شيء كبير كي تقدمه للمصريين، بل إن إخفاقات متكررة وطريقة أداء متراجعة باتت تميز مرحلة وجودها التي ربما تنتهي بنهاية الاستحقاق الثالث - حسب تقديرات البعض.


هذا ما يردده الناس في الشارع والمتابعون والمراقبون والمحللون، وفي تقديري أن آراء هؤلاء وأولئك تؤكد بشكل أو بآخر، أن مطالب قطاعات عريضة مضارة من سياسات حكومية، ستكون وراء إسقاط حكومة محلب أو التعجيل برحيلها، تلك المطالب التي كانت ولا تزال تسميها وسائل الإعلام زورا بـ"الفئوية"، وهي تمس أدق تفاصيل يوميات المصريين، وتتعلق باستحقاقاتهم الاقتصادية والاجتماعية المتأخرة رغم ثورتين.

ربما كان تكرار مطالب موظفين وعمال وغيرهم لوزارة الداخلية أو إخطارهم لها بتنظيم وقفات احتجاجية ضد قانون أو مسئول أو قرار، خير دليل على بداية النهاية لحكومة المقاول الكبير، التي فشلت أغلب خططها وإجراءاتها في تحقيق مطلب جاد على أكمل وجه للمواطنين، أو إنجاز ما فشلت فيه حكومات عصام شرف والجنزوري وهشام قنديل والببلاوي قبلها، على المستويين الداخلي والخارجي، دون أن يخفى على أحد حقيقة وجود فروق سرعات بين أداء رئيس جمهورية منتخب يبحث عن مجد وطني وشخصي ينسب لحكمه عبر مشروعات كبرى، وحكومة لا تستطيع السيطرة على "توك توك" يعطل شوارع العاصمة الكبرى.

ويبدو أن قانون الخدمة المدنية الجديد، الذي استدعى من أدراج حكومة نظيف الثانية، كان أكبر وأبسط طريقة لفضح حكومة تبدو مفلسة، ولا تجيد الحديث عن جديد بتشريعات أو إجراءات وقرارات، سيكون الصداع المزمن برأس الحكومة حتى رحيلها، وسيخلف أزمة مجتمعية حال الإبقاء عليها حتى انتخاب برلمان لن يستطيع نوابه إنجاز مراجعة وتعديل كتل من التشريعات التي أفرطت الحكومات المتعاقبة في إقرارها، لتظل الأزمات تولد أزمات أكبر، وتعود نغمة زمن مبارك "نريد تدخل الرئيس".

على الجانب الآخر، تخدم إخفافات الحكومة وسوءاتها مزاعم الإخوان وأربابها على فضائيات قطر وتركيا، حول حقيقة 30 يونيو وما أتت به من حكومات لا تختلف في أدائها عن حكومة بقالي الجماعة، فنموذج الرأسمالية بوجهيه التجاري والطفيلي لا يزال يبحث عن فرص فرض الذات، مستغلا غياب قدرة بلدان عربية بكاملها عن تجاوز ما تفرضه الرأسمالية العالمية على اقتصاديات ونظم المنطقة السياسية.

أعتقد أن خطأ تجاهل إصلاح لجنة الإصلاح التشريعي الحكومية، وراء تلك الفوضى التي أحدثتها قوانين وقرارات وتعديلات تشريعية، يفترض أنها تتميز برؤية أفضل لإدارة مرحلة انتقالية، وأكثر تداعيات ذلك الإخفاق عاد بالضرورة بالسلب على الاستحقاق الثالث المتأخر بخارطة الطريق، الذي يجرى تصويره الآن للمصريين على أنه منحة أو صدقة نظامية لهم، لا يزيدها منحة زائفة أكبر من تعديل يسمح بتحرير المحكمة الدستورية من مدة زمنية محددة لنظر طعون على قوانين مجلس النواب، ليظل مصيره معلقا وفي مهب الريح، أو قل بيد الكبير إذا أراد حله.
الجريدة الرسمية