لجان مشورة بعد خراب مالطة
من أبرز قرارات المجمع المقدس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية لعام 2015، تشجيع لجنة الأسرة المقبلين على الزواج أن يجتازوا دورة في المشورة الأسرية قبل الزواج، تجرى خلالها عملية إيضاح كاملة لطرفيه لمفهوم وقيم الزواج في العقيدة ذاتها، والتركيز على الحكمة الإلهية منه، مع تدريب كل منهما على طريقة معاملة الآخر والعيش في حياة جديدة يكونا خلالها مسئولين عن بيت، أو قل عن وطن، باقتصاده وسياساته وأطر معاملاته.
ولأن وتيرة المشكلات الأسرية تتسارع وتتزايد حدتها بشدة، كان لآباء الكنائس وعلماء الدين المسيحي دور في تقديم الرعاية الروحية لشباب المسيحيين، الذين بدا بينهم من هم بحاجة إلى جلسات خاصة لمواجهة مشكلات أكثر تعقيدا، قبل تصاعدها وحدوث حالة من الانفلات بين طرفيها، تهدد بانهيار وتشرذم أسر بكاملها، خاصة الناشئة.
هذا الانضباط تفتقده علاقات الزواج بين المسلمين في مجتمعنا، ونسدد نحن الثمن كل لحظة؛ حيث لم تستحدث فكرة لجان المشورة وتصحيح عقيدة الزواج، ولا يذهب إليها طرفاه إلا بقرار قاضي محكمة الأسرة في جلسته الأخيرة وقبل النطق بالحكم، فبعد أن "يزهق" من طرفي القضية المنظورة أمامه يحيلهما إلى لجنة بالأزهر الشريف أو دار الإفتاء؛ لتصحيح عقيدة الزواج عندهما، أو قل بعد خراب مالطة وفرجة خلق الله عليهما.
الإحصاءات والدراسات الرسمية والمدنية تظهر حجم الكارثة التي نعيشها يوميًا، خاصة جيل الشباب، فتشير النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق عام 2014 إلى وصول عدد عقود الزواج في مصر إلى 953 ألف عقد، استحوذت الفئة العمرية من 25 إلى أقل من 30 سنة على نسبة 43.3% منها، بينما ارتفع عدد إشهارات الطلاق ليبلغ 180 ألفا و344 إشهارا، إلا أن أعلى نسبة طلاق كانت في الفئة العمرية من 30 إلى أقل من 35 سنة؛ حيث بلغ عدد الإشهارات بها 36269 إشهارا بنسبة 20.1%.
وبالنسبة للمطلقات، سجلت أعلى نسبة طلاق في الفئة العمرية من 25 إلى أقل من 30 سنة ليبلغ عدد الإشهارات بها 40346 إشهارا بنسبة 22.4%، بينما سجلت أقل نسبة طلاق في الفئة العمرية من 65 سنة فأكثر حيث بلغ عدد الإشهارات بها 1125 إشهارا بنسبة 0.6% من جملة الإشهارات، وارتفع معدل الطلاق ليصل إلى 2.1 في الألف عام 2014 مقابل 1.9 في الألف عام 2013، ووصل المعدل بالحضر 2.6 في الألف مقابل 1.7 في الألف في الريف.
وارتفع عدد أحكام الطلاق النهائية خلال العام الماضي ليبلغ 4949 حكما، مقابل 4795 حكما خلال العام السابق عليه، وكانت أعلى نسبة طلاق بسبب الخلع؛ حيث بلغ عدد الأحكام بها 3719 حكما بنسبة 75.1%، بينما سجلت أقل نسبة طلاق بسبب حبس الزوج؛ حيث بلغ عدد الأحكام بها 4 أحكام تمثل 0.08% من جملة الأحكام.
ويكشف جهاز الإحصاء، أن قضايا الطلاق تكلف خزانة الدولة 7.75 مليارات جنيه سنويا بعد أن ارتفعت نسبته إلى 40%، فيما يقدر مركز قضايا المرأة المصرية متوسط تكاليف قضية الطلاق الواحدة بنحو 41 ألفا و195 جنيها مصريا، وتشمل مصروفات التقاضي ورواتب القضاة والنيابة والخبراء والمستشارين والعاملين بالنيابة العامة - سكرتارية وموظفين - فضلا عن الحراسات الأمنية الضرورية للمحاكم أثناء نظر هذه القضايا، وتنفيذ الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية خاصة بالمنقولات والنفقة وغيرهما.
وتبلغ تكاليف الطلاق الرسمية في مصر، التي تتحملها الخزانة العامة للدولة نحو 7 مليارات و750 مليون جنيه تقريبا، بخلاف تكاليف مباشرة تصل 8 مليارات أخرى تتحملها الأسر المطلقة جراء تفتتها، والتدهور الوظيفي وانهيار كفاءة العامل بعد انفصاله عن زوجته أو بعد تفكك أسرته؛ حيث يعمل بأقل من 50% من طاقته العملية وكفاءته الإنتاجية.
وأثبتت دراسة علمية حديثة بجامعة عين شمس، أن نسبة الطلاق الناتجة عن قانون الخلع بلغت نحو 72 ألف حالة، وأن معظم هذه الحالات ترجع لأسباب غير منطقية، وأن معدلات الطلاق في مصر تتزايد بنحو 5 آلاف حالة سنويا؛ لتحصد لقب الدولة الأولى على العالم في معدلات الطلاق، حسب مركز معلومات دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، بعدد 2.5 مليون مطلقة.
عزيزي الزوج.. عزيزتي الزوجة، بلاش الطلاق أو الإفراط فيه لو كان ضروريا، مش علشان خاطر العيال، علشان خاطر سمعة مصر، فلا الحكومة تنفع في الأيام إياها ولا المؤسسات الدينية والثقافية والتعليمية التي أهملت تأهيلكم، ولا الحموات النكديات ستعيش لكما بنصائحهن السوداء التي جلبت الخراب.