الحالة النفسية لإخوان البغاء بعد العزل
كلنا يعامل يوميًا المنتمين إلى جماعة الإخوان التي تحولت من محظورة قانونًا إلى معزولة شعبيًا بثورة إلى إرهابية بأحكام القضاء التي حظرت التنظيم وأدانت قياداته في عمليات تخريب وتفجيرات.
لكننا بمطالعة بسيطة لتاريخ الإخوان والبغاء في مصر، سنرصد ضمن التوصيف المشترك لجرائم الجماعة الإرهابية وبائعات الهوى، أن إرهاب الأولى يمارسه مدفوعو الأجر على المشاع ودون تمييز للضحية والزمان والمكان، كما تفعل تمامًا الباغية تتهم بممارسة البغاء مع آخرين دون تمييز ولقاء أجر.
ومع تجريم البغاء عام 1951 الذي ظهر منظمًا تحت قوة الاحتلال ولإمتاع جنوده وكذا حمايتهم، في ظرف استثنائي امتد لأكثر من نصف قرن في تاريخ مصر الحديث، إلا أن نفس الظرف شهد ظهور الجماعة ونموها في أحضان المحتل وارتكابها الجريمة المنظمة بأيدى المتعطشين للقتل.
ورغم حظر التنظيمين ونشاطهما في مصر، البغاء والإخوان، ظل كل منهما يطور ذاته وأساليبه في التحايل على القانون والمجتمع وإقناع الراغبين في بناء علاقات طبيعية مع أعضائه باستحالة الاستغناء عنه،فتطور نشاط الدعارة لتنشأ شرطة الآداب في ملاحقة شبكاته، وتستحدث أجهزة أمنية جديدة "أمن الدولة والأمن الوطنى"، في مواجهة نشاط الإخوان الذين مارسوا البغاء السياسي بامتياز، فيما نشأت فكرة "العزل" في مواجهة "أمراض" أصابت بائعات الجسد والجماعة على السواء، لاستحالة تدارك أخطارها على المجتمع بمختلف أفراده.
ولأن الطبع "غلاب" عند الطرفين، لم تكن الجرائم المرتبطة بممارسة البغاء بعيدة الشبه عن نظيرتها المرتبطة بالإرهاب، فسلوك الأفراد المنتمين لمجتمع الأولى من قوادين، تشابهت طبيعة سيطرتهم على أضعف حلقاته "المقطورات"، مع قوة تحكم مجموعة صغيرة مثلت ما يسمى بمكتب الإرشاد، اقتصاديا وفكريا في تابعيهم، بينما آخر ما تؤمن به وتروج له "المقطورات" وينطبق على "أفراد" تنظيم الإخوان، أنهم لم يختاروا مصيرهم للسير في طريق الجريمة القذرة.
ربما الدافع لاستدعاء هذا التشبيه وذلك التطابق بين سمات مجتمع البغاء ومكونات العلاقات داخل تنظيم الإخوان، ما أصاب أرباب الجماعة على المستوى القاعدى الآن، من عته وتخلف وتطرف وإرهاب زاد عن الحد في معاملاتهم اليومية مع المصريين،بعد عزلهم بثورة شعبية في الثلاثين من يونيو 2013، فلم تكن عبارة "عبيد البيادة" سوى بداية للترويج لقناعات تامة بضرورة تطوير أفكارهم من مجرد لفظ المختلفين فكريا ثم تكفيرهم، إلى محاربة حالات تطور مجتمعى وسياسي تغالب وتدحض فكرة "الفرصة التاريخية لحكم العالم" التي عاشت الجماعة خيالاتها لمدة عام كامل حكمت مصر خلاله.
من هنا ستجد الإخوانجي الآن أكثر الناس إصرارًا على التعامل بصلف وغباء وكراهية وتحايل واحتيال مع المواطنين، والأكثر عزلة عنهم متمنيا لهم الموت بأقذر وأبشع الطرق، والأكثر صمتًا ولعبا لدور الشيطان الأخرس وقتما تحتاجه لشهادة حق، والأكثر إصرارا على تسويد الدنيا بأعين الناس كل لحظة ردًا على "جريمة 30 يونيو"، والأكثر هربًا من مجتمعات تلفظ إرهابه، إلى خلاء جديد يحتوى التوسع والتطور الهائلين لمخططاته وجرائمه.
في ضوء ذلك يمكن أن تفهمَ وتستنتج تفاصيل ليلة تصفية خلية أكتوبر المسلحة قبل يومين على أيدى أجهزة الأمن مثلًا، وتقرأ أسباب تفوقهم وأنصارهم "داعش وبيت المقدس وغيرهما" في بقاع خالية على أرض مصر، ويمكنك تَفَهم أسباب التعديلات المتكررة لقوانين عقوبات لمواجهة الإرهاب، والبغاء، بعد أن صارت تجارة الدين والدم أشد خطرًا من تجارة الجسد، وتعى الحالة النفسية السيئة لأرباب بائعات الهوى بسبب لفظ المجتمع لهم، كما يلفظ الآن مجموعات ضالة تمارس القتل.
الحالة النفسية للإخوان بعد عزلهم شعبيًا تدفعهم الآن باتجاه حلمهم لتحويل مصر إلى مجتمع فوضوى يعيش كابوسهم، يرتكبون فيه جرائمهم ويطالبون الضحايا بمساءلة أنفسهم وذويهم عن عدم مناصرتهم، مستشهدين بتلاوات الهاربين بتركيا وقطر وبريطانيا من المرتزقة، ليصنعوا من بلد المواجهة الأول والأكبر مع إسرائيل، وطنًا ممزقًا مقسمًا كما أرادوه سنة حكمهم الأسود، ويدعم حلمهم الآن فاسدون ومفسدون يريدون القضاء ثانية على ثورة المصريين وإذلالهم.