المطبخ السياسى فى إسرائيل
فى التسعينيات دخل إلى المطبخ اصطلاح جديد وهو الطبخ الجزيئى، وهذا خليط من البحث العلمى فى سلوك المواد الخام العادية فى أثناء الطبخ وبين تحولها إلى وجبات شاذة المذاق، كأن تتناول آيس كريم كطبق رئيسى مع بيضة أو كأس شاى نصفه ساخن ونصفه بارد أو مكرونة سائلة، وفى إسرائيل يبدأ هذا المطبخ خطواته الأولى ولكن إسرائيل كدولة تسبق العالم فى التطويرات التكنولوجية، سارع رئيس الوزراء الإسرائيلى "بنيامين نتنياهو" بدفع هذا النظام إلى المطبخ السياسى فى إسرائيل.
إذا نجح نتنياهو فى تشكيل حكومة، وهو سينجح بالفعل، فسوف نكتشف فجأة أن المواد الخام الأساسية التى ذهبنا للانتخابات من أجلها فقدت طعمها وطبيعتها، وبدلاً منها سنحصل على خليط من الكتل الحزبية لا يمكن تشخيص عناصره أى مثلا لابيد بطعم بينيت زعيمى حزبى يش عيتد والبيت اليهودى.
مزيج من مذاق ليفنى زعيمة حزب الحركة على نتنياهو وهكذا ، فالأساسات الأربعة فى الحكومة (نتنياهو، لابيد، بينيت، ليفنى) سيكون بينها قاسم مشترك اقتصادى واجتماعى فبرامجهم باستثناء حزب الليكود الذى أعفى نفسه من عرض البرنامج ، ترسم أن التعليم للجميع، ويفرشون الجنة على الأرض وآلاف وحدات السكن للشباب المقبلين على الزواج ودون شك تخفيض الضرائب، وعلى هذا الحلم المشترك يمكنهم أن يقيموا حكومة منذ الساعة الأولى ما بعد الانتخابات.
إن الأزمة تقع فى التقليص الهائل المتوقع لميزانية دولة إسرائيل ومن الطبيعى أن تكون الطبقة الوسطى الفقيرة هم الذين سيدفعون الثمن، إلا أنه من حقها أن تعرف ما الذى ينتظرها، إذا كان الأمر هكذا فى الاقتصاد وفى المجتمع فما الذى يمكن أن نتوقعه فى مجال السياسة، فالفجوة عميقة بين رؤية نفتالى بينيت زعيم حزب البيت اليهودى وموقفه من الاستيطان ورؤية كل من يائير لابيد زعيم حزب "يش عتيد" وتسيبى ليفنى زعيمة حزب الحركة وأيديولوجيتهم فى التفاوض مع الفلسطينيين.
والأهم هنا هو معرفة ماهى الخطوط العريضة للحكومة الإسرائيلية المقبلة وما الذى سيتم الدفاع عنه، وما الذى سيتم التنازل عنه، وكل هذا لايزال فى طيات المجهول، ولكن فى ظل كل ظروف الساحة السياسية يقولون لنا إن هكذا هو الحال فى الديمقراطية، الجمهور يصوت بطريقة معينة واضحة، ولكن ليس له الحق أن يؤثر على العملية النهائية للانتخابات، يستطيع أن يختار ممثليه فى البرلمان، ولكنه لا يمكنه أن يتحكم بما سيفعلونه باسمه، ولكن الواقع الجديد سينشأ فى عملية تشكيل الحكومة والذى يفرض على المواطنين أن يعيشوا فيه، ومن حقهم أن يعرفوا منذ الآن ماذا حقق لهم ممثلوهم دون انتظار التبريرات التى سيتم نشرها بعد عرض الخطوط الأساسية للحكومة، والسؤال: هل نتنياهو سوف يتراجع عن مبدأ حل الدولتين؟ وهل حزبه سيعرض أمن إسرائيل ومكانة إسرائيل الدولية للخطر؟.
نقلاً عن هاآرتس