قسم شرطة الأميرية.. إهانة شعب بعد ثورتين
أسوأ ما تسمع من أنباء يومية، حوادث الطرق أو اغتيال رجل يحرس في سبيل الله شعبه وأرضه ووطنه، وأسوأ ما يمكن أن تصل إليه العلاقة بين اثنين شماتة أحدهما في مصاب الآخر.
هذا ما رصدته من تعليقات عدد من سكان منطقة الأميرية وعزبة مرسي خليل، بعد إصابة نقيب شرطة، معاون مباحث قسم الأميرية قبل ثلاثة أيام في حادث سير، سبقه بأيام مثلها قيام رئيس المباحث والمعاون المصاب وعدد من الضباط والأمناء بإهانة أبناء المنطقة، وتوجيه السباب والشتائم لهم، حسب شهاداتهم ورواياتهم، دون استثناء نساء كُن يشاهدن ويصورن جريمة إهانة مارة وأصحاب محال وإجبارهن على إغلاقها، على خلفية مشاجرة بين طرفين، تدخل فيها أحد أمناء الشرطة وبعدها أحد الضباط بطريقة غير لائقة مع المواطنين.
الواقعة وإن شهدت تجاوز أحد أطرافها المخلي سبيلهم بعد اتهامهم بمقاومة السلطات، بحق معاون مباحث القسم، إلا أن انفعالات رجال الشرطة تجاوزت حدود القانون، حسب الأهالي، ليظهر ضابطا هنا وأمينا هناك في مشهد من "الردح" يسقط هيبة بزته الشرطية ويجعل ألسنة المواطنين تفيض باللعنات عليه ومن أنجبوه أو علموه.
كما أن انفعالات متكررة كهذه بحق أهالي الأميرية، تصل درجة الظلم بها لكثيرين، لا يمكن أن تعيد للشرطة هيبة رجالها، خاصة أن قطاعا غير قليل ممن تصدوا لمحاولات إصلاح الجهاز الأمني والمنظومة الشرطية، القاعدية خاصة، يرسخ في أذهان المتجاوزين من أعضائها فكرة عودتهم إلى ظلم وقهر المصريين وبطريقة أبشع من التي أنتجتها سياسات حبيب العادلي.
وإذا كان قسم شرطة الأميرية بهذه الحالة نموذجا لإهانة المواطنين المسالمين، فإن أكثر ما يثير سخرية الناس تجاه المتجاوزين من رجاله، أن ديوانه يقع بملحقاته في عمق المنطقة السكنية، ويظل محميًا بأهلها أولًا من أي خطورة لإرهاب هؤلاء يختبئون داخله خوفًا من المجهول، لدرجة استحواذهم على عرض الطريق وإحاطة مبنى القسم بحواجز حديدية حرمت المواطنين والسيارات من أكثر من نصف مساحة الشارع الرئيسي، نفس الطريق الذين كان مرتعًا لمنظومة أمناء الشرطة التي ابتلى بها سكان المنطقة فور إنشاء القسم قبل 8 سنوات، فكانت خروقاتهم على مرأى ومسمع من الجميع.
أما خدمة الأمن المجتمعي فلا يعرف أبعادها رؤساء ومعاونو وضباط شرطة يكتفون بإلزام أصحاب المحال والصيدليات والمتاجر، بتعليق ورقة تضم أرقام الاتصال الخاصة بهم، وكأن مشاركة المواطنين في حماية الأمن في ظروف استثنائية كره، بينما القبول بإهانتهم من قبل نفس الشرطيين لا يزيد على تجاوز مقبول لعذر بات أقبح من الذنب.
إن أكثر المصريين تفاؤلًا بحسن معاملة أمثال هؤلاء له، يقف على مسافة أبعد داخل جزيرة منعزلة عنهم، ويطبق مع كل تقصير أمني بحقه المثل القائل "يا نحلة... ولا عاوز منك عسل"، لذا لن تجد أداء هؤلاء يزيد عن إدارة مجموعة من العلاقات والمصالح مع أشباههم على حساب أبرياء، وإدارة "النصائح" لضحايا الأمن المجتمعي، بعد تراجع مهاراتهم أمام جرائم عدة وعجزهم عن ضبط مرتكبيها.
أما العين الثاقبة بين المتفائلين فتدعو أصحابها وقت الأزمات والخطر، للنظر لما تبقى ممن تعرفهم بحسن النشأة والمسلك والإخلاص في العمل، وتعزز فرص بقائهم بين أبناء منظومة متراجعة الأداء، فتحتفظ بقدر من الاحترام لهم، كما يفعل نفس أهالي المنطقة مع معاون مباحث نفس قسم الشرطة، النقيب محمد جهاد كمثال، فيعلنون دعمهم لجهوده لتطهيرها من أباطرة وتجار الكيف وحملة السلاح.
شاء ضباط وأمناء وأفراد الشرطة أو أبوا، سيظلون كموظفين عموميين في خدمة الشعب، ولن تقبل مصر بعد ثورتين أن يعرقل موظف عام أو شخص فاسد أو مفسد مستقبلها، ولن يقبل أحد طريقة محاسبة بالقطعة لصغار، أو تجاهل محاسبة الكبار عن خطاياهم، وتلك شروط المستقبل إن أردناه مبشرًا بالخير، وبلا فوضى.
حضرة النقيب، سلامتك.. مصر تنتظرك ورئيسك في خدمة شعبها.