رئيس التحرير
عصام كامل

رغم اتفاقهم على خطورة الصراعات الفكرية.. تباين آراء وزراء التعليم العرب حول منهج موحد.. الأردن وقطر يؤكدان أهمية الفكرة.. الإمارات: أمر لا يستقيم مع الواقع.. وكالعادة لا وجود لأي توصيات بعد المؤتمر


احتلت قضية الإرهاب والتطرف الفكري، مساحة كبيرة من نقاشات المؤتمر الإقليمي للدول العربية حول التربية ما بعد عام 2015، وهو المؤتمر الذي حضره عدد من وزراء التعليم العرب وممثلون عن 13 دولة عربية، وأقيمت فعالياته بمدينة شرم الشيخ.


المناهج الدراسية
وكانت المناهج الدراسية هي محط أنظار عدد من المشاركين في المؤتمر، الذين رأوا في الدعوة إلى توحيد المناهج الدراسية في الوطن العربي منفذا للعبور لعقول الطلاب، وتحصينها من الأفكار المتطرفة، إلا أنه كالعادة لم يتم الاتفاق بين الوزراء العرب على شيء من هذا القبيل.

ورغم إجماع المشاركين في المؤتمر على أهمية التعليم في مواجهة الفكر المتطرف، إلا أنه لم يكن هناك اتفاق على وجود منهج عربي موحد، ولم يضمن هذا المقترح ضمن التوصيات النهائية للمؤتمر.

منهج عربي موحد
وأكد فيه ممثل الوفد الأردني في المؤتمر، أنه لا يمكن الحديث عن القضاء على الأفكار الإرهابية المتطرفة، أو حتى الارتقاء بمنظومة التعليم في الوطن العربي، وهناك اختلاف في المناهج التي تدرس للطلاب في كل دولة عربية، مطالبًا بتوحيد المناهج العربية في مواد العلوم والرياضيات واللغة العربية، منتقدا أن تكون الدول العربية جميعا ناطقة بلغة واحدة ومدارسها تدرس مناهج مختلفة لتلك اللغة، ووافقه في هذا المقترح وزير التعليم القطري محمد الحمادي، الذي أكد أهمية وجود مناهج عربية مشتركة تدرس في كافة الوطن العربي.

فكرة ليست جديدة
وفكرة وجود منهج عربي موحد ليست فكرة وليدة لمؤتمر وزراء التعليم العرب، ولكنها فكرة قديمة، وقد طبقت في عقد الستينيات في فترة الوحدة بين مصر وسوريا، حيث كانت تدرس مناهج مشتركة في المدارس المصرية والسورية، وكانت تؤلف تلك المناهج من قبل خبراء مصريين وسوريين، وكان يوضع عليها شعار الجمهورية المتحدة.

لا يستقيم مع الواقع
في سياق مخالف، أكد وزير التربية والتعليم بالإمارات، حسين إبراهيم حمادي، أن مقترح وجود منهج عربي موحد لكافة الدول العربية، أمر لا يستقيم مع الواقع؛ لأن لكل دولة عربية طبيعة مختلفة، وكذلك لكل دولة إمكانياتها ومشاكلها وأولوياتها التي تسعى إلى تحقيقها، كما أن لكل دولة من الدول طبيعتها الجغرافية وتاريخها، وقيمها التي تسعى إلى تدريسها لأبنائها؛ ولذلك فمن غير المعقول تدريس منهج عربي موحد لكافة الطلاب العرب.

عدم الاتفاق
ورغم أن جميع المشاركين في المؤتمر، بما فيهم وزراء التعليم العرب، أجمعوا على الخراب الذي لحق بالتعليم في الدول التي طالتها أيدي الإرهاب، مؤكدين أهمية أن يتحقق التعليم للجميع، من أجل القضاء على الفكر الإرهابي، إلا أنه لم يتم الاتفاق على توصيات محددة في هذا الشأن، وخرج المؤتمر بتوصيات عامة تتعلق بضرورة التوسع في التعليم الأساسي، وأن تستوعب الدول العربية كافة الأطفال الذين يبلغون سن الإلزام، وأن يتم التوسع في تعليم الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم مع الأصحاء، مع الارتقاء بمنظومة التعليم الثانوي بحيث يتم تحقيق الأهداف التي تجعل التعليم متاحا للجميع، دون أن يتطرق المؤتمر لأي توصيات تخص مواجهة الإرهاب عن طريق التعليم.

إدانة
وأدان وزراء التعليم المشاركون في المؤتمر، الجماعات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة التي تسعى إلى جر المجتمعات العربية إلى عصور الظلام، حيث كشف وزير التربية والتعليم بسوريا هزوان ألوز، عن حجم الدمار الذي لحق بالعملية التعليمية وتعطيل مسيرة سوريا نحو التقدم في مجال التعليم جراء الاعتداءات المتكررة على المدارس، لافتا إلى أن التنظيم الإرهابي "داعش" حرم على الطلاب في المدارس التي سيطر عليها من تعليم المواد العلمية ومواد الأنشطة الفنية والرياضية، وقصر عليهم تعلم اللغة العربية والتربية الدينية، مؤكدا أن أحداث العنف التي شهدتها سوريا أدت إلى تشريد نحو مليون طالب سوري، وإغلاق أكثر من 4 آلاف مدرسة، وتحويل أكثر من 664 ألف طالب وطالبة من مدارسهم إلى مدارس أخرى داخل سوريا ما جعل تلك المدارس تزداد كثافتها بشكل ملحوظ.

كوارث
من جهته، كشف وزير التربية والتعليم بالبحرين "ماجد بن علي النعيمي"، حجم الكوارث التي لحقت بمدارس البحرين، التي دفعت وزارة التربية والتعليم في البحرين إلى توثيقها في كتاب "المدارس في مواجهة التخريب والاعتداءات"، إصدار 2014.

كما أوضح أن النزاع الطائفي والتحريض على العنف تسبب في حدوث 158 اعتداءً على المدارس البحرينية، تمثلت في إشعال الحرائق داخل وخارج المدارس، وإلقاء المواد الحارقة على المدارس، واقتحام تلك المدارس، وتكسير محتويات الفصول وسرقة المقتنيات الموجودة داخل المدرسة وفصول الطلاب، مؤكدا أن مثل هذه الجرائم كانت تحدث في ظل وجود الطلاب داخل المدرسة، أو حتى أثناء الطابور الصباحي للطلاب، ما كان يعرض الطلاب للأذى.

تدهور التعليم بالبحرين
وأشار وزير التعليم بالبحرين، إلى أن مثل هذه الأحداث أدت إلى إصابة الطلاب الذين شهدوها لعوارض نفسية تمثلت في الميل إلى العزلة أو الرهبة، والخوف من المدرسة، والضيق النفسي، مؤكدا ضرورة القضاء على الإرهاب وتجفيف منابع التطرف الفكري من أجل الارتقاء بالوطن العربي، مشيرا إلى أن التعليم هو السبيل إلى تحقيق هذه الأهداف.

تأثير الصراعات
كذلك، أشار وزير التربية والتعليم بالسودان "آدم عبد الله النور"، إلى الصراعات الفكرية، وتطرف الجماعات الإرهابية ومدى تأثيرها على العملية التعليمية في الوطن العربي، لافتًا إلى أن ما يحدث في سوريا من أحداث عنف لم يؤثر على سوريا فقط؛ بل أثر على كافة البلدان العربية التي استقبلت اللاجئين السوريين، التي تطالب بتوفير تعليم جيد للطلاب السوريين بتلك البلدان، ومن هذه الدول السودان التي قررت فتح أبواب المدارس الخاصة والحكومية لقبول الطلاب السوريين.
الجريدة الرسمية