لا عودة للوراء.. سنرقص على السلالم
قبل انتخابات مجلس نواب 2015 الذي سيضع القوانين المكملة للدستور، وتحدد تشريعاته ملامح النظام الاقتصادى للدولة، غير الواضحة في مواد الدستور، وتضبط شطحات أعضائه هوسا حكوميًا برأسمالية طفيلية أثبتت 4 عقود فساد أنظمتها وسواد منظومتها، يطرح محترفو اللهو واللغو تساؤلات لا محل لها من الإعراب حول تصنيف 25 يناير وتوصيف 30 يونيو وما بينهما، لشغل المواطنين عن معايير اختيار أعضاء مجلسهم التشريعي الثابتة في صحيح الثورتين.
يواكب لغو هؤلاء ولهو وأولئك صرخات أعلى من آهات وآلام المصريين الغائبة استحقاقاتهم حتى الآن، تنادي بانحسار التنافس في معركة مجلس النواب المقبلة، بين قيادات الحزب الوطني "المنحل" العائدة بتاريخ مستنسخ من التسلط والنفوذ، وتجار الدين، وبين الفئتين أصحاب المال المشبوه من محترفي النوع الثالث من تزوير إرادة الناخبين، دون نداءات موازية تعزز من فرص الشباب والكادحين في الصعود لتمثيل فئاتهم العمرية والمجتمعية تحت قبة التشريع، وإنجاز فعل "الرقابة" على الحكومة بأنفسهم دون وسيط لا ينتمى إليهم.
خطورة اللعب بنار إسقاط يناير من تاريخ الثورات المصرية تتزايد مع لعب أقطاب حزبية يسارية وليبرالية بها، لدرجة تشبيه بعضهم فعل الثورة في يناير بجريمة الخيانة، وتصويرها على أنها صناعة منظمات ودول أجنبية، لتتساوى عقولهم بالإخوان فيما وصفوا به يناير مرة بالخروج المرفوض على طاعة ولي الأمر، ثم بصناعة متعاطي المخدرات وممارسي الجنس داخل خيام الميادين، قبل أن ينصحهم مرشدهم بسرقة شعاراتها بعد 30 يونيو وتسويقها للعالم على أنها صناعة إخوانية.
الأكثر سخرية في تشبيهات محسوبين على فعل "الثورة" والتي تتفق تمامًا مع ما يروجه العائدون من خلايا الوطنى "المنحل"، أن الطرفين يؤكدان أنهما "بصما بالعشرة" على دستور 2014 الذي يعترف بيناير ويونيو كثورتين عظيمتين، قبل مباشرة الرقص على "بشرة خير" في ثاني استحقاق سياسي للمصريين بعد يونيو، وانتخاب رئيس للجمهورية يتمنى كل طرف منهما أن يكون على "مزاجه"، مع اعترافهما ببقاء "منظومة" ما قبل يناير ويونيو كما هي، بل يبالغان في وصفها والتبرك بها مع عبارات من نوعية "كل شيء يعود أسوأ مما كان".
بينما الحال كذلك في الشارع السياسي والحزبي، الجانبي والرئيسي، تتكرر عبارة "لا عودة للوراء" على لسان كل مسئول بعد أن نطقها رئيس الجمهورية، وكأن حكومة انتقالية حضرت لتكرر أفيشات "بناء على تعليمات وتوجيهات الرئيس"، دون أن تدرك أن استمرارها أو بعض أعضائها بعد انتخاب مجلس النواب، يعنى إدارة علاقات متوازنة بين السلطات في ظل دستور أكثر تحديدًا لها.
المشهد في شوارع مصر قبل انتخاب مجلس النواب، ينبئ بألا عودة بالفعل إلى الوراء بعد ثورتين، فلا مجال لذلك ولا أحد مشغول بـ"خلفيته" ومن يقف خلفه، لكن كثيرين يريدون لنا بعد ثورتين أن "نرقص على السلالم"، فلا نحصل على استحقاق بعد يونيو، أو نتذكر شيئًا من شعارات ومطالب يناير، أو نتذكر أسبابًا حقيقية للثورتين، أو نبحث بيننا عمن يقودنا إلى إنجاز شيء يؤكد نجاحهما، لندور في ساقية أربابهم من الطفيليين الجدد ومحترفي اقتناص الفرص الحرام خلال المراحل الانتقالية، يريدوننا معصوبي الأعين.. والضمائر أيضا.