رئيس التحرير
عصام كامل

على بك مظهر يحصل على الدكتوراة



دُعيت في يوم 19-6-2014 لمناقشة رسالة علمية في رأس البر بمحافظة دمياط وكنت أعتقد أن المناقشة ستكون داخل جامعة أو معهد علمى ولكن عندما طلبت رسالة الطالب الذي سوف أناقشه قيل لى ستطلع عليها هناك فزادت دهشتى فمن الطبيعى أن الرسالة تكون مع المناقش بمدة كافية قبل المناقشة وهو الذي يحدد موعد المناقشة عندما يكون قد انتهى من دراسة الرسالة وكتب فيها تقرير الصلاحية ولكن قد أخذنى الفضول لتكملة هذا الحدث لمعرفة ماذا يحدث في مصر وما حقيقة شهادات الدكتوراة التي كثرت تلك الأيام وما هذا الكم الهائل من الأشخاص الذين يلقبون أنفسهم بلقب دكتور وهم تكاد تكون ثقافتهم الدبلوم وربما أقل قدرًا.


وكانت المفاجأة عندما عرفت أن المناقشة ستدور من داخل فندق برأس البر صاحبة هذا الفندق هي وكيلة الجامعة المزيفة والتي اتخذت شعارا للجامعة هو"نحن نلبى تطلعاتك نحو مستقبل علمى رفيع" وما أذهلنى وزاد من فضولى أنى رأيت كثيرا من الأشخاص يرتدون الأرواب العلمية فهمت بعد ذلك أنهم الطلبة الذين ستناقش رسائلهم وكان عددهم تسعة عشر طالبا وطالبة وهذا ما لم يحدث في أي كلية في العالم أن لجنة مناقشة تناقش هذا الكم من الطلبة في يوم واحد فمن المتعارف عليه هو أن اللجنة تناقش طالبا واحدا فقط في اليوم وهذا ما أثار الشكوك بداخلى وكانت لجنة المناقشة مضحكة جدًا فلم يوجد فيها شخص يحمل دكتوراة فعلية ويعمل في السلك الجامعى غيرى.

وبدأت المناقشة وياهول ما رأيت وسمعت فقد قدم معظم الطلبة وريقات منقولة بالنص من الكتب ولا يستطيع صاحبها الإلمام حتى بمحتوى ما يمسك في يده الأمر الذي جعلنى وبكل سهولة وبالخبرة طبعًا أن أكتشف المستوى المضمحل للشخص الذي أناقشه ومن مجرد النظر إلى هذه الوريقات عرفت أنها لا ترقى حتى لمقالة باستثناء بعض الأشخاص فإن رسائلهم تحتاج لبعض التعديلات فقط لمناقشتها وعرفت بعد ذلك أنهم مسجلون بالفعل في جامعات مصرية معترف بها وتحت إشراف أساتذة جامعين أفاضل ولكنهم التحقوا بهذا المنتدى لسرعة حصولهم على لقب دكتور أمام الجميع ولكنهم غير معترفين في قرار أنفسهم بتلك الجامعة ولا بالمناقشين وهذا ما صرح به لى بعضهم عندما انتهت المناقشات وكان هذا تقديرًا لشخصى ليس إلا حسب ما قيل لى.

واكتشفت بعد ذلك أن هذه الجامعات المزيفة ما هى إلا مواقع على الإنترنت تستقطب الأشخاص الذين يودون الحصول على الدكتوراه والماجستير بسرعة فائقة نظير مبالغ كبيرة ومحاولة إيهام الأشخاص أن لهم وكلاء في كل أنحاء العالم وربما يكون الجامعة ووكيلها يصدران من جهاز كمبيوتر واحد يملكه شخص هو الذي يدير المنظومة بالاشتراك بالطبع مع آخرين يقدمون له التسهيلات لتزيد المصداقية عند زبائن الدكتوراة وما يسعد الزبون هنا فخامة الشهادة وارتداء الروب الجامعى وحفلة مضاهاة المناقشة العلمية ثم لحظة منحة الدرجة والاحتفال بعدها بمنح الدرجة وهى تضاهى بالفعل ما يحدث داخل الجامعة وهى اللحظة الذي ينتظرها الطلبة سنين بعد عناء الدراسة وقراءة المراجع والأبحاث وحلقات المناقشة التي تسبق كتابة الرسالة والنجاح بتقدير جيد جدًا على الأقل في المقررات الكثيرة المقررة على كل طالب ماجستير ودكتوراة والشهور والأيام التي يمكث فيها الطالب في كتابة رسالته العلمية والأبحاث العلمية من رسالته والتي يجب نشرها في مجلة علمية معترف بها ولها كود علمى معروف.

فكيف لطلبة تخرجوا من جامعات حقيقية مارسوا كل أنواع العذاب العلمى اللذيذ من أجل تقديم رسالة علمية محترمة وأغلبهم بلا وظيفة ويعملون في وظائف أخرى غير جامعية أو بحثية ثم يأتى جهلاء يُنادون بلقب دكتور وهم أجهل من الجهل بل لهم نفوذ لمقابلة الوزراء والمحافظين وكل المسئولين ولهم القدرة على الظهور في الفضائيات ودخول مجلس الشعب مصدقين أنفسهم أنهم علماء فكيف نسمح للجهلاء أن تحكم المدن وهذا يذكرنى بفيلم على بك مظهر وهو الشخص الفاشل دراسيًا والذي كان يقوم بتأدية دوره الفنان المحترم جدًا محمد صبحى عندما رأه صديقة المتفوق الفقير في التلفاز مقدمًا نفسه على أنه مهندس معمارى يقوم بإنشاء مدينة سكنية للشباب فانهار هذا الصديق ووقع على الأرض منهارًا حتى مات فهل سنترك أبناءنا العلماء الحقيقيين يموتوت غيظًا وكمدًا أم سنقف جميعًا في وجه من يريدون خراب العقول فلك الله يامصر حماك الله ورعاك
الجريدة الرسمية