رئيس التحرير
عصام كامل

الأخلاق والأزمات


إن لم تستطع الحكومة العودة بالرصيف لوظيفته التي كان من أجلها، فلتهدم ذلك الرصيف، وإذا كانت الجزيرة التي تتوسط الطرق المخصصة لفصل الشارع ذهابًا وعودة والمزروعة في أغلب الأحيان بالنجيلة تعيق الطريق فلتهدم تلك الجزر أيضًا وخصوصًا أن أغلبية سكان المناطق الشعبية المتكدسة بالسكان أصبح لا يعنيهم النواحى الجمالية وأصحاب المحال افترشوا بضائعهم على تلك الأرصفة واحتلوا جزءًا من الشارع تحت الرصيف ولا أحدثك عن المقاهى والتي احتلت نهر الطريق، فإنها كارثة مرورية حيث يحتل المقهى كل الرصيف ونصف الشارع، وذلك عُرف تعارفَ وتوافق عليه الناس وأصبح أمرًا من طبائع الأمور اعتاده الناس بلا تأفف.


ولذلك أعجبنى ما شاهدته في شارع فيصل من أن الحكومة قررت إزالة الأرصفة لتوسيع الشارع وفعلًا اتسع الشارع ولكن مازالت الأزمة المرورية قائمة كما هي وذلك لأن طبائع وسلوكيات الناس لم تتغير فقد ظلت كما هى، فالأزمة المرورية وتكدس الشوارع بالمارة والسيارات المتوقفة بلا حراك لمدة طويلة، لهى سلوك إنسانى وحضارى من الدرجة الأولى، فالأمر إذن ليس في اتساع أو ضيق الشارع إنما يكمن في البشر ذاتهم فهى علاقة عكسية بين الأزمات التي نعانيها وأخلاق الشارع.

فقد ترك أصحاب المحال الحكومة تفعل ما تريد وتتكبد الأموال والتي يدفعها الشعب من دمائه ولم يساهموا في أي شىء فمازالوا يفترشون بضائعهم في المساحة التي يحددونها هم أمام محالهم ومازال الباعة الثابتون (الجائلون سابقا) يحتلون ما يريدونه أيضًا من أماكن في الشارع ويفترشون بضائعهم في عرض الطريق وأصحاب الميكروباص والتوك توك الذين يأخذون من مطالع الكبارى ومنازلها موقفا لهم مضيقين الطرق ويصنعون جلطة مرورية وخصوصًا في الدائرى وقد شاهدت بنفسى في مَنزل المريوطية من الدائرى موقف الميكروباص والتكاتك أمام المَنزل مباشرةً، ما يتسبب ذلك في غلق الكوبرى الدائرى بالكامل وكذلك السيارات التي تنزل في الاتجاه المعاكس في منازل الكبارى ومطالعها.

كلها سلبيات بشر تخلق سلبيات أكبر منها تؤدى في النهاية إلى كوارث حقيقية ولا أخفى عليك أيها القارئ، أن كل هذه السلوكيات المدمرة التي يمارسها الناس بلا رادع تؤدى بلا شك إلى أن يستغلها الإرهابيون في زرع قنابلهم مدمرين الوطن.

ثم يعود هولاء البشر أنفسهم ليتظاهروا ويهجون مناهضين الجيش والشرطة والقضاء والحكومة كلها لأنها لاتستطيع حمايتهم. 
فكيف لحكومة مهما أتت من قوة أن تحمى شعب ينتحر كل دقيقة بسلوكياته غير المنطقية والعفوية المدمرة.

فالأزمة ليست أزمة مرور بل أزمة سلوك بشر فالشارع لابد له من ضوابط تضبطه وأقصد هنا كل الشوارع الرئيسية والفرعية لأن كما ذكرت في مقالات سابقة أن الجلطة المرورية والإرهابية ربما يكون سببها الرئيسى شريانا فرعيًا بسيطا متمثلا في حارة ضيقة متفرعة من شارع غير رئيسى.

وأتمنى أن يستشف القارئ ما أقصده بالفعل أن الكارثة تتبعها كارثة أكبر منها ومرتبطة بها ارتباطا وثيقا وكل العلاجات المطروحة تعالج العرض الظاهر فقط وليس جذور المرض وأسبابه الكامنة والتي إن وجد حل جذرى لمشكلة ما لأصبحت الحلول تتابع أيضا كحل بكرة خيط متشابكة ومعقدة.

لذا يجب تفعيل دور المحليات بحيث يكون للجيش والشرطة دور رئيسى وقيادى في عمل تلك المحليات ومساعدتها في ضبط الشارع وبالتأكيد أعيد وأكرر الدور المهم للإعلام البيئى غير الموجود بالمرة في مصر في تأهيل الشعب في المساهمة في رجوع الشارع إلى وظيفته الرئيسية.

ويا ليتنا نزود الداخلية بكاميرات مراقبة توضع في أماكن سرية في كل الشوارع والحارات منتشرة في كل أرجاء مصر كلها لتسهيل التحكم في ضبط الشارع لأننى على يقين بقدرة الداخلية وحدها في تنظيم الشارع ولكنى أتكلم عن حالة الاستمرار وعدم العودة إلى الوراء.

فأنا أطرح أمنياتى حسب تفكيرى المحدود وطبقًا لحبى للوطن ولكن أؤمن إيمان اليقين بأن في مصر عقولا لو تكاتفت لنتج مئات الحلول القابلة للتطبيق.. فلك الله يا مصر حماك الله ورعاك.
الجريدة الرسمية