رئيس التحرير
عصام كامل

بيان خليجي..!!


في حدود المتاح من بيانات تالية على إعلان اتفاق الرياض التكميلي، لا أملك سوى التعليق بأن الحكومة المصرية تدخلت بالتجاوب والرد على ما ليس لها فيه ناقة ولا جمل..كيف؟

أولًا: بيان اتفاق الرياض التكميلي نادي بفتح صفحة جديدة "تكون مرتكزًا قويًا لدفع مسيرة العمل المشترك والانطلاق بها نحو كيان خليجى قوى ومتماسك، خاصة في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة وتتطلب مضاعفة الجهود والتكاتف لحماية الأمن والاستقرار فيها"، كما أكد على "عدم دعم أي دولة من دول المجلس لأى جماعات إرهابية، وعدم التدخل في شئون دول المجلس الأخرى، وعدم انتهاج سياسات خارجية تضر بمصالح أي من دول المجلس الأخرى".

ثانيًا: البيان السعودي "المستجاب له" من الحكومة المصرية، جاء به "إن قادة الرأى والفكر ووسائل الإعلام في دولنا سيسعون لتحقيق هذا التقارب الذي نهدف منه إلى إنهاء كل خلاف مهما كانت أسبابه فالحكمة ضالة المؤمن"، ودعا القاهرة لدعم اتفاق الرياض التكميلي بين السعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر.

ثالثًا: بيان الحكومة المصرية رد باستجابة ورد فيها "نتطلع معًا إلى حقبة جديدة تطوي خلافات الماضي، وتبث الأمل والتفاؤل في نفوس شعوبنا...."، و"أن تنجح الجهود العربية المشتركة في تحقيق المصالح العليا لوطننا العربى".

بملاحظة بسيطة تكتشف أن البيان الأول خال تمامًا من الحديث عن غير الشأن "الخليجي" ولم يرد به ذكر لمصر أو غيرها من البلدان التي عانت سياسات قطرية داعمة لجماعات الإرهاب والعنف المسلح بالمنطقة "العربية"، وحصر إلزامه لدول "التعاون الخليجي" بعدم التدخل في شئون دول "المجلس"، أو انتهاج سياسات تضر بمصالح "أي منها".

أما البيان السعودي فحمل "دعوة" للقاهرة لتأييد "إجراءات" تخص دول المجلس وحده، وعلق الأمل على قادة الرأى والفكر والإعلام لاستعادة التقارب العربي، وهى مسألة تنافي حقيقة أن المشروع الإعلامي القطري، سياسي بالأساس، توجهه أجهزة دولة ومخابراتها.

البيان المصري صدر وكأنه كان "لزامًا" على الحكومة الرد على ما لم تقله دولة من "التعاون الخليجي" عنها، أو قل هي لغة الدبلوماسية، التي تجعل أناقة الكلمات أهدأ من صوت التفجيرات، واشتمل على "إشارة ناعمة" إلى "الجهود المشتركة لتحقيق المصالح العليا لوطننا العربي"، التي لا إشارة لها في البيانين الأولين.

أما وقد عاد السفراء الثلاثة إلى عاصمة لم يتركها نظيرهم المصري، فهي خطوة "ركنية" تمامًا لا علاقة لها بما تتبناه قطر من مواقف تجاه مصر، كما إن حدود الأمن العربي لا تتوقف عند محاولة خليجية لإحداث تقارب بين مصر ودولة تعادي سياساتها استقرارها، ويذهب دعمها اللوجيستي التام لجماعة إرهابية، حسب تصنيف السعودية والإمارات لها، وأحكام القضاء المصري، فامتداد هذا الدعم إلى تيارات تكفيرية تنهل من معين الإخوان، في ليبيا وسوريا والسودان وتونس واليمن وغيرها، تجعل السؤال الأكثر حرجًا لدول الخليج، والخارجية المصرية على السواء: وماذا يجني المصريون من اتفاق الخليج وبيانه وتعقيب الخارجية عليه، بينما ينزف الدم المصري بفعل جرائم الإخوان؟

وإذا كان الدعم الخليجي لمصر يقتضي توجيه "سياسة" مشتركة نحو التعامل مع نظام 30 يونيو، يضيف إلى الدعم الإماراتي السعودي الاقتصادي لها، فهل تتوصل القمة الخليجية بالدوحة الشهر المقبل، إلى انتزاع اعتراف قطري بخطيئة التلاعب بمصائر شعوب البلدان العربية المشتعلة الأخرى بفعل التدخل القطري، حتى تضمن دول الخليج أمن المنطقة بأسرها؟

بداخلنا أسئلة حرجة لكافة الأطراف نترك للأيام المقبلة الإجابة عنها.
الجريدة الرسمية