الديكتاتورية المستنيرة والتراث العفن
قد عادانا العالم كله يومًا ما وغزوا أراضينا وقسموها ولكنهم لم يهزمونا بل كانت أراضينا مقبرة لهم.هذا عندما كنا نتفق جميعًا على عدونا وكان واضحا جليًا أمامنا نحن العرب ولكن اليوم وقد أصبحنا دويلات فقيرة تحارب بعضها البعض ونحقر من شأن بعضنا البعض حينئذ وُجد الإرهاب وزعزع استقرارنا وتحول الدين السمح على أيديهم إلى دين يدعو لسفك دماء الناس وحينئذ انتصر عدونا الخفى علينا فهو لم يهزمنا عندما غزانا ولكنه هزمنا عندما أنسانا ديننا وقوميتنا العربية ولغتنا وأصولنا.
والسؤال لماذا نعانى نحن العرب من هذا التخلف ؟ ولماذا نتراجع إلى الخلف بسرعة تفوق سرعة الضوء ونعود لنناقش مواضيع تافهة عفا عليها الزمن ولكنها مازالت تعيش بداخلنا فهل يعقل أن يأتوا بدكتور فى كلية الطب ليناظر شخصا جاهلا في موضوع أتفه من أن يناقش على المقاهى وهو العلاج بالحجامة..من أوصلنا إلى هذا العفن الفكرى ؟ أعتقد أنه التراث العفن الذي مارسناه عقودا طويلة وتوارثناه عن أجدادنا وأدخلنا هذا التراث العفن في الدين وقدسناه قدسية القرآن.
إذن فبداية الإصلاح تبدأ من هنا ولابد أن تكون فكرة الإصلاح فكرة جماعية تتبناها شعوب العرب جميعًا وهى فكرة التخلص من التراث القديم وحرق هذه الكتب التي أصبحت كتبا مقدسة يستقى الإرهابيون منها مبررًا شرعيًا لإرهابهم وكله باسم الإسلام.
فلو استطعنا مجرد أن نزرع فكرة نزع التراث من جذوره من عقول الشعوب العربية لنجعلهم يتبنون مجرد فكرة التغيير أو بمعنى أدق فكرة المصالحة بين الناس جميعًا على أساس عدم التميز الدينى أو العرقى، لأصبحنا في مقدمة الأمم.
نحن في حالة حرب بين مستعمر يحاربنا عن بعد بأيد أبنائنا ويساعدهم ويجندهم ويمدهم بالأسلحة المتطورة ويدربهم. فالحرب لها قطبان هما أن نفضح المستعمر أمام العالم ونفضح منظماتهم المزروعة في أراضينا والتي تحمل في بعض الأحيان مسميات ليس لها أية علاقة بمضمونها مثل منظمات حقوق الإنسان والتي هي في حقيقة الأمر منظمات لحقوق الإرهابيين والخونة والعملاء وغيرها الكثير، والقطب الآخر هو محاربة الفكر العفن في عقول الشعوب وإحلاله بالفكر السليم لصحيح الدين.
نعم، هي حرب طويلة المدى ذلك لأنها تركت عقودا طويلة تسرى في عقول وأجساد أبنائنا وأجدادنا سريان الدم في العروق حتى أصبحت جزءًا لايتجزأ من هويتهم التي يشعرون أن بدونها الموت ولكن لابد من البداية الجماعية وفى كل مكان في الوطن العربى كله.
وأنا سأعطى مثلا أتمنى أن يفهم القراء ما أقصده بالفعل، أتتفقون معى أننا جميعًا قد أدمنا هذا التراث العفن ؟ فإذا كانت الإجابة بالإيجاب فالسؤال هنا كيف يعالج الشخص المدمن؟ هو أن نمنعه عما يدمنه وفى بعض الأحيان يحبس حتى يبتعد تمامًا ويتعود على عدم التعاطى وعند هياج هذا الشخص في بعض الأحيان يكبل من يديه وأرجله ويجبر على تعاطى الدواء الشافى.
إذا فرضنا والقياس هنا مع الفارق بالطبع، أن اتفقنا أو اتفق كل مثقفى الشعوب العربية أن شعوبنا تدمن ذلك التراث العفن وهو سبب كل ما نعانيه من إرهاب، حينئذ وجب العلاج والقيود هنا هي الديكتاتورية المستنيرة أي الاتفاق فيما نود فعله وهى الديمقراطية في اتخاذ القرار وتأتى بعدها الديكتاتورية في التنفيذ حتى يأتى جيل جديد ينتمى بالفعل لتراب الوطن العربى ويستطيع بناءها وتقدمها على أساس دول قوية كما نشاهدها اليوم في أوربا وأمريكا.
وهنا أنتظر آراءكم ومقترحاتكم حتى نتفق ونبدأ البداية والبناء.
وفقنا الله لما فيه صالح الأمة كلها.