رئيس التحرير
عصام كامل

زكريا عزمي يعود نائبًا عن الزيتون


لسنوات ظل زكريا عزمى، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، نائبًا عن أهالي الزيتون، تلك الدائرة التي طالما بقيت مستهدفة حكوميًا بترشيح "وزير" ودعمه بأصوات عمال شركات المنطقة الصناعية وموظفي القصر والعائدين من الحروب إلى الوظيفة الميرى.


لقبه أهالي الدائرة بـ"عمدة" البرلمان، وعرفته الصحف بـ"النائب السوبر" ورصدته كاميرات التلفاز معارضًا للحكومة وكاشفًا لفساد رجال الحزب الوطني أنفسهم، الذي وصل إلى "الركب" على حد تعبيره الشهير، قبل أن يرفع يده بالموافقة على قوانين جائرة على حقوق وحريات، وتعديلات على نصوص دستورية تسمح بتمرير مشروع التوريث لاحقًا.

عرفه المواطنون خادمًا لأهل دائرة تمنوا أن يكونوا من سكانها ليحصلوا على "تأشيراته" التي لا يمكن لوزير أو مسئول تجاهلها، ورفع له أئمة وخطباء الدعوات في المساجد وزينوا أبوابها بلافتات التأييد له في مواسم الانتخابات، قبل أن يكرروا نفس الأفعال مع مرشحي الإخوان الذين اكتشفوا فجأة أنهم "بتوع ربنا"، ومن سبقهم هم أهل الفساد بعينه.

أدخلت تأشيرات النائب السوبر مناطق دائرته المحرومة من المرافق، ضمن خطط التطوير الحكومية العاجلة المنفذة بمنح أجنبية، وجعلت الأسفلت والغاز وشبكات الصرف والمياه داخل العزب والأزقة والحارات، أقرب إلى عين المواطن من رؤية أبويه، حتى أنه لم يحرم "الركن الشعبي" بالأميرية من قسم شرطة يحمل عاتق تأمين المواطنين، وتعذيبهم أحيانًا، مناصفة مع قسم شرطة الزيتون.

خلت مع سياسات حزبه شركات المنطقة الصناعية بالأميرية من عمالها بفعل "الخصخصة"، ولم ينه وجوده بالدائرة قبل ثورة يناير، إلا بعد أن أهدى أهلها مستشفى تخصصيًا أقرب إلى "الاستثماري" في آلامهم وأمراضهم، بعد حجب قرار تخصيص أرض مجمع شرطة الأميرية لبناء مستشفى "عام" عهد الوزير إسماعيل سلام.

لم يسمح النائب السوبر بوجود "فردة عمال" لها شخصيتها المستقلة إلى جواره من نواب الدائرة الذين تلوا الراحل فتحي سالم، وكانت جماعة الإخوان تعتبره "صداعًا" لا يستحق أن تفكر في مواجهته بمرشحين لها، مقارنة بنظرتها ليوسف والي الذي شبهته بالسرطان وأسقطته عام 2005.

جفف النائب السوبر طموحات وآمال أجيال من أبناء الدائرة في التغيير والمشاركة السياسية، حتى إن مرشحًا منافسًا له عام 2005 هو المحاسب نادر عبد السلام، جرت عملية تزوير الانتخابات ضده باعتراف منتمين للحزب الوطني، فيما واجه المحام الشاب وليد فاروق حربًا نفسية مثلت مظهرًا من مظاهر قهر جيله، ورحل مرشح العمال محمد عزب النادي، عن الدنيا بعد أن "علَمَ" على "العمدة" عام 2003، بحكم بطلانه انتخابه.

تخيلوا أن دائرة كهذه يعاد فيها طرح التساؤلات على ألسنة عدد غير قليل من سكانها، لماذا لا يعود زكريا عزمي لترشيح نفسه نائبًا عنها؟ خاصة بعد تبرئته قضائيًا، وسعي مرشحين لاستباحة دائرة لم تعرف من قبل سوى الموات السياسي.

أحدهم حضر هربًا من دائرة مجاورة سعيًا وراء "إرث" النائب السوبر،ويطرح آخر نفسه "بديلًا" عن الإخوان المعزولين شعبيًا لمجرد حصوله على فرصة الإعادة ضد مرشحيهم، فيما يتراجع "فران" صاحب تجربة "مثيرة" عن الترشح رغم إنجازه عام 2012 رغم محو نسبة تمثيل العمال والفلاحين بالدستور الجديد، بينما يراجع مرشح آخر موقفه وحزبه رغم إنجازه لمصر بحصوله على حكم حظر الإخوان والتحفظ على أموال التنظيم، فيما يناور السلفيون وأعضاء الوطني المنحل والإخوان وبعض المستقلين عن بُعد، وكأن الانتخابات قرار "زواج" لعروس، ترفض "شرشر" ابن الجيران وتفكر في "ميمي" صديق الجامعة.

السادة المرشحون، دخولكم مجلس نواب 2015 مرهون بقدرتكم على الإنجاز، وليس البناء والتأسيس لمشروعية وجودكم على حساب التاريخ الأسود للحزب الوطني والإخوان، ومواصفات نائب المستقبل ليست لعب الطاولة والتدخل لدى قسم الشرطة وحضور الأفراح والمآتم وتحسين المرافق، فهل بينكم قادر على فعل الرقابة على حكومة ومحاسبة وزرائها، وسن تشريعات تصون حقوق المواطنين وتحمى حرياتهم؟ أم أن نغمة "بنحب الجيش والسيسي ونحارب الإرهاب" هي التي ستغنون بها على المواطنين، وتضحكون بها على أنفسكم؟

لو كنتم هكذا، فليواجه أحدكم دعوات استعادة زكريا عزمى نائبًا، بأسفلته وغازه ومجاريه، وليستعد أحدكم كى يكون "صبيًا" تحت إمرته، ولم لا، وقد عاد رفاقه إلى المشهد وأنتم عنهم غافلون.
الجريدة الرسمية