رئيس التحرير
عصام كامل

ربنا مالهوش "بتوع" علشان نشمت فيهم


عزيزي المواطن الغلبان، وأنت تتابع أخبارًا عن ملتحين معروفين بالتقوى والتدين، جرى ضبطهم متلبسين بممارسة الرذيلة مع نساء أو فتيات، ونشر مشاهد مصورة لهم وضعوا هم كاميرا التقاطها، أو محاكمتهم قضائيًا وإدانتهم في جرائم مماثلة ارتكبوها على الطريق الزراعي مثلًا، عليك أن تدرك أنك ترتكب حماقة حينما تذهب إلى صندوق الانتخابات لتمنح أمثالهم صوتك وثقتك المطلقة، متأثرًا بمزاعم يروجونها في مواسم البغاء السياسي وما قبلها، تقول أنهم "بتوع" ربنا.


الأمر ينطبق بالمثل على غيرهم من غير الملتحين، وغير المنتمين إلى تيارات وأحزاب وجماعات تأسست على معتقد أو فكر ديني، كمدعي الناصرية وأنهم نسخة مطابقة للزعيم جمال في حبهم لمصر وشعبها، أو مدعي الليبرالية الممصرة التي تدعم الرأسمالية الوطنية بينما تعزز أفعالها وتطبيقاتها مبادئ الاحتكار، والزاعمين بحمل أفكار كارل ماركس وإنجلز والمنخرطين في حركات تنادى بالعدالة الاجتماعية والمساواة، بينما وجبة كنتاكي وكانز بيبسي وجاتوه جروبى أولى من اهتمامهم بواقع الباحثين عن طبق الفول الصباحي والمسائي ورغيف الخبز في طابور لا نهاية له.

لم تكن مشاهد "عنتيل" السنطة أو قضية "ونيس" الزراعي أو "أنف" رفيقهم المعدل، فهؤلاء صناعة إعلام ينهش في عورات مجتمع لا نهاية لها، تشبه أفعالهم تمامًا قضايا التحرش وهتك العرض التي يرتكبها أمثالها في وسائل المواصلات العامة كل لحظة، وتعلمها صبية وتلاميذ مدارس فوجئت بسلوكهم أمام مدرسة إعدادية مشتركة بشارع فيصل أمس، ناهيك عما تخفيه جدران الأماكن المغلقة والمفتوحة، وتطلقه سموات القنوات غير المراقبة دون حدود أو قيود.

صحيح أن الفارق يبدو كبيرًا بين عورات المحرومين من الطعام والكساء، والذين تتكرر جرائمهم أمامنا وعلى صفحات جرائدنا يوميًا، وبينها زنى المحارم، وأبسطها إصرار رجال على التحرش براكبات عربة السيدات ذات الملصق الأحمر بمترو الأنفاق بعد التاسعة مساءً، وعورات من نالوا من الدنيا حظًا وشبعًا لا تستقيم معهما جرائمهم ذات الطابع الغريزي، الجنسي تحديدًا، لكن المرافقة أن هؤلاء في المجتمعات الدنيا يزيدون حرمانهم بإصرارهم على "استغباء" أنفسهم، وانتخاب "أولئك" القابعين على قمة الهرم المالي والعقائدي، مكتفين بسبب يعلمون زيفه تمامًا، وهو أنهم "بتوع ربنا"، ليعززوا حالة قائمة من احتكار العقيدة إلى جانب المال، ويضيفوا لأصحابها احتكارًا جديدًا للسلطة.

سينهش الشامتون في أحزاب ذات مرجعية دينية على خلفية فضيحة "عنتيل السنطة"، ويذهب حزبه إلى التبرؤ منه لحفظ سمعته قبل انتخابات نيابية يريد خلالها إرثًا أكبر مما يطيق تحمله، بعد فشل الإخوان وتراجع شعبيتهم وعزلهم، وتبقى المعضلة التي لا يريد أحد حلًا، وهى فصل الدين عن السياسة، وليس فصله عن الحياة، فإصرار تيارات الدين السياسي على أن يوصف أتباعها بـ"بتوع" ربنا في كل مناسبة، يستحق من وجهة نظر غيرهم الشماتة فيهم، ولا يقبل أن يرد عليها من طرفهم بأكذوبة جديدة بأنها شماتة الدين.

وإلي حين حسم الجدل "المهزلة" المستمرة، ومع معدلات الفقر والأمية والبطالة والمرض المتزايدة الآكلة في طبقات مجتمع منهار، وانحسار الثروة والسلطة بيد طبقة النصف بالمائة، فكلي إصرار على أن ربنا ليس لديه "بتوع" كى أسير خلفهم أو أسايرهم أو أنتخبهم أو أشمت في فضائحهم، كما لم يترك جمال "ناصرية" لأنسب نفسي إليها أو ينسبها غيري لنفسه، ولم تقف حدود عقلي عند ما قال به ماركس أو دعا إليه منظرو الليبرالية، كي أنقل عنهم وأوجه به الرأي العام، فالواقع له رأي مختلف.. وفقط.

الجريدة الرسمية