رئيس التحرير
عصام كامل

داعش والغبراء!

فيتو

في صالون خالد الحلاق بشارع الدواخلي الواقع بكفر الطماعين من أعمال الجمالية جلس اثنان من الزبائن ينتظران دوريهما في الحلاقة بعد أن ينتهي خالد من حلاقة رأس وذقن سلامة اللاسع الذي دائمًا ينسى ذقنه وشعر رأسه شهورًا كثيرة ثم يتذكر فجأة أن عليه حلاقتهما فيلجأ إلى خالد الحلاق باعتباره معرفة قديمة ولن يأخذ منه نقودًا كثيرة، وبعد أن صبن خالد ذقن سلامة وأسقط الموس القديمة الذي أكل ذقن الزبون السابق له بعدما تركه صفحة بيضاء لامعة براقة، مستبدلا إياها بالنصف الآخر من الموس الأصلي ماركة “lord” الشهيرة ناظرًا إلى سلامة “باشمئناط” مستخسرًا مثل هذا النوع الغالي في هذا الزبون “الكتيان” التعبان “مُولّى”، ولكن ماذا يفعل بعد أن نفد النوع الشعبي ولم يستطع النزول إلى العتبة لإحضار دستة أخرى، وبينما هو يفكر في تلك المعضلة إذ عبثت أنامل يده الأخرى بريموت الدش لتستقر على نشرة الأخبار التي كان المذيع فيها يقول “وقد قام تنظيم داعش الإرهابي بـ... “ ليكمل الجملة ساخرا حمدي الزواوي المعيد بجامعة عين شمس والذي ينتظر دوره في الحلاقة بعد سلامة اللاسع ضاحكا: داعش والغبراء..

ليرد عليه الشيخ سلامة المستكاوي المفتش بأوقاف القاهرة: لا يا أخ حمدي لا تفسد التاريخ تلك اسمها “داحس والغبراء”.
خالد الحلاق متعجبًا بعد أن كتم صوت التلفاز: دا أنا باحسب الأستاذ حمدي بيتمسخر يا شيخ سلامة هو في حاجة اسمها “داحس والغبراء” وإذا كان فيه يبقى إيه حكاية داعش والغبراء اللي قالها الأستاذ حمدي دي ؟!!
حمدي مستبقًا إجابة الشيخ سلامة: داعش ده يا عم خالد اختصار لكلمة الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعروفة اختصارًا بـ داعش، والتي تسمي نفسها الآن الدولة الإسلامية فقط وهو تنظيم مسلح يُوصف بالإرهاب يتبنى الفكر السلفي الجهادي، ويهدف أعضاؤه إلى إعادة “الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة”، يمتد في العراق وسوريا، وزعيم هذا التنظيم هو أبو بكر البغدادي ربنا ياخده، أما الغبراء فدي الأيام السودة اللي حدفتهم علينا وعلى أمتنا الإسلامية وابتلتنا بهم همّ وفكرهم المتطرف المنيل بستين نيلة.. فهمت بقى !!
وهنا يستلم الدفة الشيخ سلامة موضحًا: أما داحس والغبراء دي يا واد ياخالد انت وسلامة فـهي حرب من حروب الجاهلية وقعت في منطقة نجد وداحس والغبراء هما اسما فرسين وقد كان “داحس” حصانا لقيس بن زهير العبسي الغطفاني، و”الغبراء” فرسا لحذيفة بن بدر الذبياني الغطفاني والحرب قامت والدنيا اتقلبت وناس تموت وناس تتشرد عشان الغبراء سبقت داحس تخيلوا المخ البايظ وصل لحد فين ؟!!
وبينما هم كذلك إذ أدار خالد الحلاق محطة الدش على قناة معروفة بمواقفها الغريبة، حيث كان يجري فيها اللقاء التالي:
المذيعة الفرفورة: وممكن نعرف حضرتك بقيت داعش إزاي يعني ؟
أبوالسواطير القرداتي: بغض النظر عن كونك امرأة متبرجة وكافرة وذاهبة إلى جهنم وبئس المصير.. إلا أنني سأجيبك.. والله أنا فاكر إني من زمان بقيت “داعش” من ساعة ما أمي الله يكحمها م دعش.. أقصد.. م دعت على وأنا بأحاول أهديها إلى الإسلام ولم تهتد وأصرت على ما هي فيه من ضلال.. فقمت بدفنها حية لكفرها وإلحادها وعبادتها الطاغوت قربة إلى الله تعالى.. جعل الله ذلك العمل الطيب في ميزان حسناتنا يوم الدين..
المذيعة الفرفورة ضاربة بكفها على صدرها: يا وقعة سودة.. دفنت والدتك حية عشان مش مؤمنة بكلامك ؟!!
أبو السواطير القرداتي: أومال انت فكرك إيه!! إحنا الطفل عندنا والدته بتغني له وهي تهدهده “ذهب الطفل.. حدف البمبة.. وللكفار فجـّر.. فجـّر..” وهذا مصير كل المشركين حتى قيام الخلافة الراشدة تحت قيادة أمير المؤمنين أبو بكر البغدادي حفظه الله..
تتوجه المذيعة الفرفورة إلى الضيف الثاني وتسأله: وسعادتك بقيت في الجيش الحر إزاي وعايزين إيه ؟!
الضيف الثاني بكل برود: يا ستي.. نحن المعارضة السورية المعتدلة يعني عاملين ترصيص مزبوط وضبط زوايا لا بنحدف يمين ولا بنحدف شمال بنحارب النظام السوري المجرم العميل الخاين حتى إسقاطه
المذيعة الفرفورة: يعني أنا برضه مش قادرة أفهم انتم إيه مطالبكم بالضبط ؟
الضيف الثاني: مطالبنا تتلخص في الأغنية الشهيرة “يا بشار.. سيبني في حالي.. يا بشار.. أنا مش قد اللي بيجرالي.. يا بشار.. منك حبة ومن حزب الله.. خلى حياتنا دي سودة ونيلة ونار.. نار.. يا بشار”.
المذيعة الفرفورة: طيب يسيبكم في حالكم ويروح فين ويسيب بلده لمين ؟!! وما هو البديل ؟ انت مش شايف الأخ اللي جنبك ؟!
الضيف الثاني بلا مبالاة: المهم ينقلع وساعتها لكل حادث حديث
المذيعة الفرفورة: وبعد أعزائي المشاهدين وبعد أن استعرضنا وجهات النظر المختلفة للحرب الدائرة في سوريا نعدكم بحلقة أخرى مثيرة الأسبوع القادم.. إلى اللقاء.
وبعد الهواء:
المذيعة الفرفورة: اتفضل يا أخ أبو السواطير الظرف بتاعك وانت يا أخ أبو مروان
يتسلمه أبو السواطير ويفحص ما فيه من آلاف الدولارات الخضراء قائلا: بارك الله فيك يا أخت سوسو بس لو ما كنتيش كافرة ومصرة على موقفك كنت كملت بيك نسواني الثلاثة، عموما ربنا يخليكم لينا ويخلي فلوسكم الحلوة انت وقناتك اللي زي الفل اللي بتساعدنا في استكمال رسالتنا المقدسة
أبو مروان مؤيدا: ربنا يستجيب منك يا أخ أبو السواطير “لك تقبر قلبي” حلاوتك وحلاوة دولارتك الخضرا..
وبينما كانا يغادران بغنيمتهما الدولارية القيمة كان العامل المصري يقوم بنتظيف الاستوديو وهو يدندن على أنغام الأغنية الشهيرة لأم كلثوم بمقطع اخترعه بعد تلك المقابلة بابتسامة مدركة: “أداعش” في هواك قلبي.. وأبقى “جيش حر” علشانك.. علشانك !!
الجريدة الرسمية