العداوة فرصة لجلب الأصدقاء
العداوة اسم غير محبب إلى النفس فقد تكون أثرا من آثار البيئة المحيطة وقد تكون نتيجة اختلافات الشخصية وعدم تقبلها ومنها ما هو نتيجة تضارب المصالح ومنها ما هو ناتج لفعل توازن القوى لحرب باردة أو غير باردة وقد تكون نتيجة ندرة الموارد المتاحة.
إلا أن العداوة قد تكون فعلا فرصة لجلب أصدقاء على قدر كبير من الثقة والإخلاص لا يمكن لك أن تحصل عليهم إلا بعد حدوث الاختلافات التي وصلت إلى درجة العداء ففيه تظهر الوجوه الأخرى واضحة جلية التي لم تكن تظهر أبدا ما لم تحدث الخلافات فهي التي تعضد العلاقات وتوثقها وتزيل الغمام عن العيون لتظهر صورة القيم الحقيقية المحركة للأفعال.
إن العداوة ليست مكروهة بالقدر المدرك ما لم يفجر المخاصم – وإذا خاصم فجر - بقدر ما هي بعضها محمود فهي السبب الذي يظهر لنا الحقائق وحينها نقرر هل سنستمر في علاقاتنا أم لا..هذا أن ثبتت القيم التي فيها يعتقدون وتمسكهم بها من صدق واحترام النفس وأمان العشيرة والتزام الوعود وعدم التحدث أمام الناس بما يكرهون وعدم ذكر الآخر بما ليس فيه واحترام غيبته وتقبل العداوة بلا انتقام أو ظلم بل وتحرى العدل في كل قول وفعل وعمل والمطلوب تقبل العداوة بالقدر الذي يمكن الطرف الآخر من إعادة صياغة مواقفه بعد خمود النيران وفناء الرماد.
العدو ترى حقيقة انفعالاته وتصرفاته ونقاط قوته ونقاط ضعفه وما هي القيم الرئيسية التي تتحكم في أفعاله دون تجمل أو تباهى فالكلمات التي نسمعها كثيرة ولا نجد منها ما هو صالح للاستخدام إلا البعض منها وخصوصا لمن يجيدون التحدث والإقناع دون فعل وأحيانا يلجأ الناس إلى اختبار الطرف الآخر بإقحام خلافات وهمية يريدون بها اقتلاع القناع وإظهار الوجه الخفي حتى إن تبين لهم الأمر أصبحوا على بينة للقرار إلا أن التمادي في تلك الاختبارات للأسف خطأ فادح فقد يولد انفجارا لا يمت لاختبارات الشخصية في شيء وبدلا من أن تكون نتائج اختبار معادلة الكيمياء مفيدة..للأسف احترق المعمل بمن فيه.
ما عليك إلا أن تلتزم الحرص على القيم وتخفيض درجة حرارة الانفعال فالوصول إلى الآخرين لا يتطلب انفعالا أو غضبا بقدر ما يتطلب رصانة وهدوءا غير مثير يجذب به الآخر إلى أرضه الساكنة الراسية بدلا من أن يتركه على أرضه المهزوزة ولعل الوصف يدل على أن المنفعلين الغاضبين دائما لا يثقون في آرائهم التي تتسم بالهوائية التي يندمون عليها وإنما من لديه الإيمان بالقدرات وتمكين العقل قادر على أن يجتذب الآخرين للإذعان له بكل هدوء.