صدمات الحياة والحكمة البالغة
لا نتغير إلا بالصدمات النفسية.. توقعات تخيب.. آمال لا تتحقق.. صدمات تخرجنا من دوامات التعود على الفعل والرضاء بما ندرك والعيش في افتراضات وهمية إلى عالم الحقيقة والواقع والمنطق يقول إنه طالما لم نصطدم فلا داعى للتغيير وما السبب الذي يدفعنا إلى تغيير أوضاع وعلاقات استقرت وتعودنا عليها وإذا تغيرت إحداها أثرت على علاقات وتبعات أخرى مطلوب التعامل معها بكل حرص وإلا سببت لنا الفوضى في حياتنا.. بيد أن لكل تغيير قوى ضرورة أقوى لا ترحم تفرضها علينا الحياة.
فإغلاق طريق كان مفتوحا مشكلة ودليل على اتجاه غير سليم وتقدير خاطئ مما يتطلب منا أن نعيد حسابات ونعيد صياغة أفعال وسلوكيات تسببت لنا في هذه النتيجة ولها كل الامتنان فبدونها لم نكن نعرف أننا ضللنا الطريق.
الكثير من مشاركات موقع التواصل الاجتماعي تعبر عن صدمات نفسية وحطام من أناس يتكلمون بلسان الهزيمة ومن الناس من يصعب عليه حاله ومنهم من ينسحب وينعزل ومنهم من يهاجم ومنهم من يبرر ومنهم من يلقى باللوم على الآخرين وهم يفضلون أن يعبرون عن مشاعر فقط دون إدراك الحكمة فالتعبير بما حدث كفيل بإراحة قلوبهم ولكن..راحة وقتية لا تلبث أن تنتهى سريعا ويتكرر عليهم الأمر مرارا وتكرارا ويدخلون في السلبية المحطمة ودوامات الاكتئاب لأنهم لم يدركوا أن هذه الصدمة نقطة تحول.. وقت يتطلب التغيير.. تصحيح أوضاع عفا عليها الزمان وقيم خالفت البيئة المحيطة.
شئت أم أبيت فالظروف تتغير وتعلن لك الحياة أنك ثابت على سلوك واحد وإن لم تستجب بإرادتك ستفرض عليك وضعا لا تقبله.. هذا شئت أم أبيت.
ومنهم من يصمد ويحاول أن يدرس الأسباب التي أدت به إلى الصدمة وكيف يتغير.
الحياة ميادين وطرق.. علينا أن نختار طريقا من طرق الميدان ونتحمل نتيجة اختيارنا وكلما تقدم بنا الزمن وبعدت بنا خطواتنا زادت المسافة بين الطرق وزاد العمر فيصبح من الصعب وقد يكون من المستحيل أن نرجع إلى حيث كنا أو حتى أن نعدل مسارنا.
القدرات محدودة والضباب كثيف لا يسمح لنا برؤية واضحة وإنما نسير وحتى لا نعلم أين الطريق وأين ومتى تكون النهاية وكيف تكون.. فما بالك بصاحب في السفر رب كريم لا يرد يدا لعبد مخلص إذا دعاه.
الصدمة منحة.. إن لم تحدث لكانت النتيجة الاستمرار في طريق خاطئ يؤدي إلى غرق في بحر الحياة.