رئيس التحرير
عصام كامل

هدية "الأوقاف" للفلاح في عيده


في الوقت الذي تتسابق فيه الجهات الحكومية المعنية بالفلاح في مصر، لتقديم الهدايا له في عيده اليوم، تخرج هيئة الأوقاف المصرية بخنجر، يصيب قلوب معظم مستأجري أطيانها الزراعية، برفع الإيجار من 1200 جنيه إلى 4000 جنيه.


قانون هيئة الأوقاف المصرية رقم 80 لسنة 1971، يتضمن مادتين تنظمان عملها، هذا نصهما:
مادة 5: تتولى الهيئة نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظرًا على الأوقاف الخيرية إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية، بقصد تنمية أموال الأوقاف باعتبارها أموالًا خاصة، وتتولى وزارة الأوقاف تنفيذ شروط الواقـفـين والأحكام والقرارات النهائية الصادرة من اللجان والمحاكم بشأن القسمة أو الاستحقاق أو غيرها، وكذلك مستحقي الأوقاف الأهلية وفقًا لأحكام القانون رقم 44 لسنة 1962 المشار إليه، وذلك من حصيلة ما تؤديه الهيئة إلى الوزارة.

مادة 6: على الهيئة أن تؤدي إلى وزارة الأوقاف صـافي ريـع الأوقـاف الخيرية لصرفه وفقًا لشروط الواقفين، وتتقاضى الهيئة نظير إدارة وصيانة الأوقاف الخيرية 15% من إجمالي الإيرادات المحصلة بالنسبة إلى هذه الأعيان، وتجنب 10% من هذه الإيرادات كاحتياطي لاستثماره في تنمية إيرادات كـل وقـف، ويكـون لمجلس إدارة الهيئة سلطة التصرف في هذا الاحتياطي بعد موافقة وزير الأوقاف.

وكانت إيجارات الأطيان الزراعية في مصر عامة، تقدر بأضعاف "مثل ضريبة الحوض الزراعي"، وأعلى نسبة سجلتها هي "22 مثل الضريبة"، قبل أن ينجح نائب برلماني إقطاعي في تمرير قانون فسخ العلاقة بين المالك والمستأجر رقم 92 لسنة 1996، لتحرير إقطاعياته من المستأجرين المساكين.

ومع خروج الفلاحين المصريين المضارين من أراضيهم، وانفلات الإيجارات الحرة، قررت "الأوقاف" المصرية، مراعاة البعد الاجتماعي، وأبقت على الإيجار عند 40 مثل الضريبة فقط حتى عام 2007، ليرتفع بعدها إلى 60 مثل الضريبة للتغلب على التضخم، وحفاظًا على أموال الوقف من التآكل.

وقبل ثورة 25 يناير 2011، كانت أعلى إيجارات للأطيان الزراعية الوقفية قد سجلت مبلغا يتراوح بين 800 و2000 جنيه، مقابل 5000 جنيه للإيجارات الزراعية الحرة، ومع الاحتجاجات والانفلات الفئوي، اضطرت الهيئة للعودة إلى عتبة الـ "40 مثل الضريبة"، لتتراجع الإيجارات إلى 1200 جنيه كحد أقصى للمستأجر الأصلي أو ورثته، و1800 جنيه للمستأجر الجديد.

ومع هبوب الرياح التي لا تشتهيها السفن الوطنية المصرية، وتآكل أموال الوقف بسبب "النوم في الخدمة"، حيث بلغت التعديات والسرقة والنهب من بلطجية "أراضي الدولة والأوقاف" حدودًا مأسوفًا عليها، وتوقف عقول القائمين على إدارة هيئة الأوقاف عند الجباية والسمسرة، لم يجد مجلس الإدارة الحالي "بالإجماع"، غير الرضوخ لمعطيات السوق، ووضع حد أدنى لإيجار الأطيان الزراعية عند 4000 جنيه للفدان، اعتبارا من 1/ 11/ 2014.

جاء هذا الإجراء، في ظل ترنح إدارة هيئة الأوقاف، وإجهازها على الاحتياطي العام، الذي لا يصرف إلا بعد موافقة الوزير، ما يعني موافقة "الناظر" على عمل الهيئة كجهة "جباية" وليس كجهة اقتصادية معنية بتعظيم المال، الذي وضع كأمانة في حوزتها، لاستثماره بالطريقة التي تضمن صونه من التآكل، لتنفق الوزارة ريعه على أوجه الخير مدى الحياة.

هذا الإجراء من شأنه تفجير ثورة اجتماعية بين الفلاحين، خاصة غير القادرين منهم، حيث تستغل إدارة الهيئة مواد قانون إنشائها وبنوده "الحق في الاستثمار كمال خاص"، دون مراعاة البعد الاجتماعي، وبدلا من أن تلجأ لاستخدام آليات السوق في الاستثمار الذي يمكنها من تحقيق المستهدف، دون المساس بالفلاحين غير القادرين.

كان الأحرى بهيئة الأوقاف ومكاتبها الزراعية المنتشرة في أنحاء الجمهورية، وموظفيها الذين يزيد عددهم حاليًا على 8350 موظفًا، أن تجري حصرًا دقيقًا لأراضيها التي لا تزال في حيازة الفلاحين الفقراء فتراعيهم، وغيرها الذي آلت حيازته لأغنياء اشتروها بطريقة "خلو القدم"، لاستثمارها، وإعادة تأجيرها بنحو 7000 جنيه مرة أخرى.
barghoty@yahoo.com
الجريدة الرسمية