رئيس التحرير
عصام كامل

فتافيت


ليس على الشعب أن يخاف الحكومة بل على الحكومات أن تخاف شعوبها.. كانت تلك الجملة تتردد فى رأسى وأنا أسير فى المسيرات التى تُطالب بإسقاط النظام، وتأملت الوجوه من حولى واستوقفنى ذلك الاختلاط العشوائى بين وجوه النساء، فتلك الأرستقراطية التى تضع على وجهها نظارة شمسية تساوى 3 آلاف جنيه، متجاورة مع ربة منزل بسيطة، وفتاة الجامعة الأمريكية المتحررة، كتفًا بكتف مع أخرى منتقبة، إنها رحلة للحج فى سبيل الوطن، الكل أمام الوطن سواء والكل محاط بأخوة من أبناء الميدان يحمون مسيرة النساء خوفًا من عدوان الغاشمين المدسوسين من أبناء الطرف الثالث.. وما أدراكم ما الطرف الثالث؟


وبنظرة نحو الخارج واجهتنى وجوه باسمة لشباب يحمل على وجهه الأمل تغطيه ألوان الوطن أو الأقنعة التى تنوعت ذكرونى بزورو، والرجل الوطواط وشبح الأوبرا، إنهم صورة للتعبير عن الإنسان الذى يعيش خلف قناع، ورغم ذلك لا ينسى نفسه بل يلوم الناس طوال الوقت على ارتدائهم أقنعة ويُطالبهم بالكشف عن وجوههم الحقيقية.
واستوقفنى قناع منتشر بقوة وأغلب من يرتدونه لا يعرفون أصله إنه ذلك الوجه الباسم لـ"جى فوكس"، والذى يحمل بعدًا تاريخيًا للنضال، ففى 5 نوفمبر عام 1600 حاول "جى فوكس" تفجير البرلمان الإنجليزى اعتراضًا على تفشى الظلم، وهو ما أصبح فى الحاضر عيدًا قوميًا فى انجلترا ليذكرهم بأهمية العدالة و"جى فوكس" بوجهه الباسم وليطرح نفس سؤاله.. ما مساحة الكذب فى الحياة؟ ومتى يكون فرضًا واجبًا ومتى يكون عيبًا وخداعًا.
إن ما تم من خداع وكذب من النظام الحالى بحكومته وأحزابه وصولًا إلى الحكم، ومن الإيهام بأن هناك عدوًا خارجيًا له من الأعوان فى الداخل، ما هو لإلا تمهيد ممنهج ليتم القبض على كل معارض، ومختلف بدأ من الاختلاف السياسى، مرورًا بالعقائدى والفكرى والثقافى واللونى والفنى، فكل ما هو مختلف عدو للدولة، مما يؤدى لخلو حياة الناس من الدين والفن والثقافة.
إن منهج النظام ليس مهددًا للاقتصاد فقط، وليس منذرًا بضياع الدولة فحسب، بل إنه تعدٍ يُهدد الحرية، وينذر بمستقبل حالك اللون فى حال استمرار الحكومة على ما هى عليه، ويجعلنا نطرح سؤالًا مهمًا.. من هو الإرهابى هل هو من يعادى الحكم أم من يعادى الحرية؟
إن ما مر بمصر من احتلال على مدى تاريخها حفر قبره حين اقترب من حرية المصريين؛ لأن الحرية عند المصريين تأتى أحيانًا قبل الطعام والشراب.
ويستوقفنى خبر فى إحدى الجرائد وأنا أكتب الآن يحمل عنوان: (تعيين 6 أعضاء جدد بالمجلس القومى لحقوق الإنسان بينهم أحد المتهمين بقتل الرئيس السادات).. عن أى حقوق يتحدثون وعن أى إنسان.. !!

الجريدة الرسمية