أسماك بحيرة ناصر... حقيقة أم شائعة؟
مليون وربع المليون فدان من المياه تبلغ مساحتها السطحية نحو 5250 كيلو مترًا مربعًا، بعمق متوسط يبلغ نحو 180 مترا، وسعة تخزينية كلية تبلغ نحو 164 مليار متر مكعب من المياه، هي إمكانات أكبر بحيرة صناعية في العالم، عرفت باسم "بحيرة ناصر"، ويسميها أهل أسوان "بحيرة السد".
البحيرة التي كانت تمنح المصريين نحو 35 ألف طن من الأسماك سنويا قبل ثورة يناير 2011، منيت بكارثة الانفلات الأمني بعد الثورة، ما جعل إنتاجها يتراجع إلى 14 ألف طن فقط عام 2013، وأخيرا ارتفع إلى 17 ألف طن بعد عودة الاهتمام إليها من قبل وزارة الزراعة، متمثلة في هيئة الثروة السمكية.
البحيرة التي تملك سبعة آلاف كيلو متر من الشواطئ، توفر فرصة لأكثر من 20 ألف صياد من المهربين، الذين يعملون دون رخص رسمية، وبالتالي يلجئون إلى أساليب الصيد الجائر، سواء بالكهرباء التي تصعق الأسماك، أو الشباك الضيقة التي تصطاد الأحجام الصغيرة، أي التي لم تبلغ عمر التكاثر، وبالتالي القضاء على التوالد الطبيعي للأسماك.
هيئة الثروة السمكية التابعة لوزارة الزراعة، مكلفة حاليا بتنمية الثروة السمكية في مصر عموما، وبحيرة ناصر خاصة، لكن الصيادين المرابطين على شاطئ البحيرة، يرثون لحالهم، حيث يبيعون إنتاجهم من "البلطي الكبير" بثلاثة جنيهات في أسوان، بينما يشتريه أهل بحري بما لا يقل عن 12 جنيهًا للكيلو، من الحجم ذاته؛ وذلك لعدم الاهتمام بهذه الثروة، من حيث التصنيع أو النقل الجوي المجهز إلى الأسواق الأكثر احتياجًا.
شيوخ الصيادين في البحيرة، لم يسجلوا شكاواهم دون تقديم المقترحات لرفع إنتاج هذه البحيرة إلى 150 ألف طن سنويا، ومنها: حصر مسئولية البحيرة على جهة واحدة، بدلا من وضعها حائرة بين هيئة تنمية الثروة السمكية وهيئة تنمية بحيرة السد، وهما جهتان متنافستان في القرارات، وتنتميان لجهة واحدة هي وزارة الزراعة.
الزيارة إلى بحيرة ناصر دون الإبحار فيها، لا تعني سوى نظرة سطحية على مسطح لا نهائي يضخ في شريان مصر يوميًا نحو 120 مليون متر مكعب مياه في شهور الذروة (زراعة الأرز)، و80 مليون متر مكعب فقط في الشهور العادية.
لكن الإبحار على ظهر لانش يجيبك على مئات الأسئلة، التي أهمها: هل تكفي البحيرة كما يشاع عنها، لإنتاج أسماك تكفي احتياجات المصريين؟
شيوخ الصيادين، التابعون لأربع قبائل تتوزع البحيرة عليهم وفقًا لحدود معلومة ومتفق عليها، يؤكدون أن طاقتها الإنتاجية القصوى، لا تزيد على 150 ألف طن سنويًا، وهي لا تكفي 25 في المائة من الاحتياجات الكلية للمصريين من الأسماك.
لكن الوصول إلى الإنتاجية المأمولة، والحديث للصيادين هناك، يتطلب تشديد الرقابة على سواحل البحيرة من هواة الصيد الجائر، والعودة إلى الزمن الجميل أيام المهندس حسب الله الكفراوي (وزير الإسكان المصري ما بين 1997 و1993)، الذي أنشأ البنية الأساسية في بحيرة ناصر، ولاتزال اللنشات التي اشتراها لهيئة تنمية البحيرة متوقفة بلا عمل، سوى فسحة في عرض البحيرة مع موكب رسمي زائر لأسوان.
أكثر من 60 ألف مواطن جنوبي يعيشون على "رزق" البحيرة، يأملون في تسليم اللنشات والمعدات المتوقفة لهيئة الثروة السمكية، وتشغيل المفرخات الأربعة التي أنشئت خصيصًا لإنتاج الزريعة المستخدمة في تنمية ثروتها السمكية، وهي مجهزة ـ حسب أقوالهم ـ لإنتاج 80 مليون زريعة سنويًا.
هذه المفرخات تتوزع على موانئ: أبو سمبل، توشكى، صحاري، وجرف حسين، والمضحك أن واحدًا منها، كان قد حوله تاجر من تجار عصر مبارك، إلى "حظيرة مواشي" ومجزر للعجول القادمة من السودان.
مزيد من الاهتمام ببحيرة ناصر، يزيد إنتاج مصر من الأسماك بنحو 115 ألف طن سمك سنويًا، لا تكلف سوى تشديد الرقابة من جهات وضعت حول البحيرة لحمايتها، وليس للفسحة فيها.