سيموطيقا الشرق الأوسط
الإرهاب مازال يطل علينا بوجهه القبيح ويصر على استمرار الفوضى ويشجعه في ذلك وجود البعض مناصرًا له بل ويراه مبيض اللون صافى القلب ويضفى عليه صفات ربانية.
إنهم لا يرون كما نرى نحن... إنها سيموطيقا الشرق الأوسط والسيموطيقا هي علم الرموز والدلالات التي يترجمها الفرد طبقًا لأفقه الترقبية أي إن الفرد يرى ما تمليه عليه تعاليم بيئته المتراكمة على مر السنين.
فلو فرضنا مثلا أن اللون الأحمر هو رمز الحب والابتهاج عند البعض فيراه البعض الىخر أنه رمز الدم وأحيانًا رمز جهنم والشياطين. ولو كان اللون الأبيض هو رمز الإيمان والتقوى والصفاء في مكان ما على الأرض فهو رمز الموت في مكان أخرى.
وهكذا فلا يوجد حقيقة واضحة لدينا في الشرق الأوسط فالأمور تختلف رؤيتها بين المجتمع الواحد وكأن كل فرد منا على عينه عدسات تُريه الدنيا بشكل مختلف ويصدقها ويتفاعل معها طبقًا لما تمليه عليه رؤيته للأمور. إنها سيموطيقا لم ندرسها ظهرت فجأة في عالمنا ربما كانت تُدرس من قبل إناس يسكنون في أبراجهم العالية يراقبون سلوكنا جيدًا فيتحكمون فينا وفي عقولنا وفى ديننا يرونا ونحن لا نراهم.
فهل نحن أقزام إلى هذه الدرجة التي سهل عليهم تقسيمنا حتى داخل بيوتنا؟ فأكثر من ستين عامًا تعاقبت خلالها حكومات لم تتعامل مع المرض الفكرى للمجتمعات بل تعاملت مع الأعراض والظواهر متناسية أو متجاهلة هذا السرطان وخطورته في يومًا مثل يومنا هذا.
فنحن نحتاج لإنتاج جيل جديد له القدرة الاستيعابية لكل الثقافات وقدرته على المواطنة وعدم التمييز إلى تعليم غير عادى وإعلام وطنى قوى ولمدة سوف لا تقل عن مائة عام بشرط أن تستمر هذه السياسة حتى لو رحل بادئها ومنشئها فسياسة تعليم وإعلام المواطنة يجب ألا تتغير مسيرته. أننا نعيش حرب ضارية قاسية لم يشهدها أبناء الشرق الأوسط في تاريخه حتى الآن.
وأننى أتعجب ممن ما زال يحدثنى عن الطرف الثالث نافضًا عن جماعة الإخوان الإرهابية كل جرائمهم في حق الأوطان والإسلام فهم لا يعرفون وطنا وليس لهم دين. ما زال أنصارهم وخلاياهم النائمة المتيقظة تبث في عقول البسطاء بأن جماعتهم جماعة دعوية لا أكثر يحاولون تأكيد ما يقولونه بالإشارة إلى أشخاص لها أثار طيبة في نفوس البعض ومنتمية إلى جماعة الإخوان.
والغريب أنهم أيضا يحللون أكاذيبهم في عقول البسطاء بأنه لا توجد داعش والقاعدة وأنصار بيت المقدس فينقصنا أن يقولون أنه لا يوجد مرسي ولا الشاطر ويدعون أنها أسماء اخترعتها الشرطة والجيش. وإذا سأل سائل وما هذا الذي نراه ؟ يقولون سذاجات عجيبة وللأسف يصدقها البعض وتجد آذانًا تسمعها.
ولعلاج هذه الضبابية الثقافية التي تفشت في مجتمعات الشرق الأوسط لابد لها من منارة تعليمية شديدة التوهج الثقافى قادرة على إزالة الغشاوات البصرية لدى هؤلاء فيرون الأبيض أبيض ويتفق الجميع على دلالاته فلابد أن تتوافق الأفق الترقبية في عقول المجتمعات العربية لنعود باتحادنا ثقافيًا في المقام الأول ثم اقتصاديًا في المقام الثانى ثم ثالثًا عسكريًا في المستقبل البعيد فحينئذ ستموت جذور الفتنة وتعود بلاد العرب بقيادة مصر بالطبع بأبوابها المفتوحة للجميع بلاد الأمن والسلام قادرة على استيعاب كل الثقافات... بلاد يعيش فيها كل الجنسيات باختلاف طبائعم ودياناتهم ومعتقداتهم وأعرافهم... بلاد تستوعب الجميع...بلاد يشعر فيها المواطن بقيمته ويعيش الجميع المواطنة كما تنبغى أن تكون.
فلا مانع أن نعيش السيموطيقا والأشياء والدلالات يترجمها البعض من خلال أفقه الترقبية كما يشاء ولكن يجب أن يتفق الجميع على حب وتراب الوطن وعشق علم ولغة الوطن ويحترم الجميع حق الشعور بالمواطنة.
فلك الله يابلادى ولك الله يامصر حماك الله ورعاك.