رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس بخلفية عسكرية.. "1000 نعم"


تعددت القراءات السياسية في مشروع قناة السويس الجديدة، لكنّ أحدًا لم يسلط الضوء عليه كواحد من أهم المبررات الوطنية التي استوجبت موافقة المؤسسة العسكرية على ترشح المشير عبد الفتاح السيسي لرئاسة مصر، على الرغم من إقراره بنفسه عدم دخول الجيش في العملية السياسية مرة أخرى، بعد تنفيذ خارطة طريق ثورة 30 يونيو.


وفي رأيي، يمثل المشروع إثباتا للجدارة باقتحام المحظور وضرب الفأس في الصخرة التي كانت محرّمة على أهلها بقرار يهودي أمريكي إسرائيلي منذ ما يزيد على 30 عاما، وهو ما لم يكن يقدر عليه أي رئيس مدني.

من حق الشعب المصري أن يفرح، ولن تتوالى الأفراح إلا باقتحام العديد من البؤر المحظورة، التي لم يكن يقدر على اقتحامها أي رئيس مدني، وهو ما لم يستوعبه الكثير من الفصائل السياسية، إلى جانب فصيل الإخوان أيضا.

البؤر المقصودة كثيرة، ومنها: عالم رجال الأعمال الذين أدمنوا الجشع، والشركات والهيئات والمؤسسات الحكومية التي سرطنها الفساد، والمنظومة الأمنية التي كان أكثر من نصف طاقمها يقتات على ثمار الظلم، وكتيبة سائقي التوكتوك والميكروباص المسلحين بـ"الترمادول" والسيوف، ودائرة النظام التعليمي الذي دمغه تجار الدروس الخصوصية بخاتم اللصوصية، ومناجم مصر التي كانت قد طمستها أطماع الاستعمار المباركي البائد.

النفرة تجاه تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة تعكس خروجا وطنيا جريئا وموازيا لخروج أكثر من 30 مليون مواطن طالبوا السيسي بالترشح، مما حدا به وبالمؤسسة العسكرية، للاستجابة لمطالب الشعب كفريضة وطنية، لإكمال مهمته في إنقاذ البلاد من براثن التنظيم العالمي للإخوان.

ربما يقول قائل: إن مبرر خروج الأغلبية لا يكفي كمبرر لترشح السيسي، لأن "أغلبية" جماعة الإخوان أيضا كانت وراء تغيير رأي مكتب إرشادها في الدفع بمرشحين لجميع مقاعد برلمان 2012، والدفع بخيرت الشاطر، ثم محمد مرسي لانتخابات الرئاسة 2012.

من وجهة نظري، كان انقلاب جماعة الإخوان على وعودها حيلة لإكمال مخطط خارجي استهدف تقسيم مصر وتحطيمها، أما تغيير رأي المؤسسة العسكرية تجاه الحماية الوطنية لمصر، فكان بمثابة  رد فعل سريع لمؤشر أمني التقط اقتراب أسباب الخطر من الدولة.

الجماعة التي كانت "محظورة" لأكثر من 80 عاما، سرقت كل غنائم ثورة 25 يناير، ووقفت ـ حين حكمت ـ أمام كل بقعة ضوء على أرض مصر، حتى سدت عين الشمس فاحترقت، لكن المؤسسة العسكرية نجحت في ترجمة شعار "يد تبني ويد تحمل السلاح".

نعم أكد وزير الدفاع آنذاك أن المؤسسة العسكرية المصرية، لن تعود لاقتحام مجال السياسة مرة أخرى، لتكتفي بصور البطولة في أحداث ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ثم إعلان 3 يوليو بإتمام إزاحة فصيل الإخوان من صفحة مصر، لكنها استشعرت الخطر، فكان من الطبيعي تغيير التكتيك لصالح الدولة المصرية.

حكم مرسي فاستبشر معظم الفصائل السياسية والثورية خيرا، بأمل العودة إلى الدولة المدنية التي ترسم سياستها ديمقراطية تستند إلى دستور توافقي، ورئيس مدني، سيخشى الانحراف السلطوي، الذي أدى بسابقه إلى السجن بعد إخفاقه في تطبيق دروس الحكم الرشيد، لكن سرعان ما قدم نموذجا لعضو جماعة وليس رئيسا لدولة ذات ثقل بحجم مصر.

الرئيس المدني الذي أفرزته مرحلة انفلات مابعد ثورة 25 يناير، كان الراعي الرئيسي لجماعات تفخيخ مصر بقنابل الإرهاب، التي لا تزال مصر تحترق بنيرانها حتى الآن، وذلك بدعم التنظيم العالمي.

أعتقد أن ضربة الفأس في مشروع قناة السويس الجديدة، يختصر كل مبررات احتياج مصر لرئيس قوي ذي خلفية عسكرية... والمصريون في انتظار المزيد من هذا الرئيس؟
الجريدة الرسمية