الشتلات البشرية
إن ما يحدث الآن على أرض واقع العالم العربى يدل على غباء الشعوب العربية غباءً من النوع المستحيل علاجه لأنه أصبح جزءا من حياة تلك الشعوب والتغير الذين ينادون به ويطالبون بالعدالة الاجتماعية هم أنفسم يرفضون ما يطلبونه بأفعالهم.. فالعَيشِ أصبح مرض لأنهم يريدونه بلا عمل والكسل الذي يمارسونه أصابهم بالتخمة المرضية والحرية أساءوا استخدامها فمن قال إننا لم نعش الحرية إبان حكم مبارك فلأنهم لا يعرفون معنى الحرية اعتقدوا أنها مرادف للفوضى وخدعوك عندما قالوا إن الفوضى خلاقة فالفوضى لا تخلق إلا فوضى والعدالة الاجتماعية في نظر هذه الشعوب أن الناس تتساوى في الفقر لأنهم يدركون بطبائعهم البشرية أنه من المستحيل أن يتساوى البشر في الغنى إلا فقد المال والذهب قيمته لأنه أصبح في متناول كل البشر.
فقد قامت الدنيا ولم تهدأ عندما سمعوا الأستاذ فريد الديب وهو يترافع في محاكة القرن واصفًا ثورة 25 يناير بأنها ليست ثورة وطالبوا بمحاكمته وذلك لأن الدستور أقر بأنها ثورة فإن اختلفت أو اتفقت معه فهذه وجهة نظره الشخصية.
أي ثورة هذه التي نادي فيها الجميع بهدم الدولة وهدم مؤسساتها فقد سمعنا شعارات كفيلة بهدم أعتى المؤسسات العسكرية في العالم مثل يسقط حكم العسكر والداخلية بلطجية وماشهدناه من حرق لأقسام الشرطة وسحل أفرادها وضباطها قبل وأثناء حكم الإخوان وقتلهم وظهور العفن الذي ظهر ملتحيًا والذين تظاهروا مطالبين رجعوهم إلى الخدمة بلحاهم وإحياء سنة النبى بإطلاق اللحى فقط وترك بقية السنن والمعاملات الإسلامية السمحاء.
فلابد أولا أن تعرف الشعوب ماذا تريد وماذا يجب فعله من أجل تحقيق ما تريد وما دور كل فرد من أفراد هذه الشعوب تجاه تحقيق الهدف العام لتلك الشعوب ثم يأتى بعد ذلك دور الحكومات لمساعدة الشعوب على تحقيق أهدافها.
إنما نحن نعيش على أرض واحدة ولكننا منعزلين عن بعضنا البعض وكأننا دويلات متناهية الصغير تتناحر وتحارب بعضها البعض مكبلين أرجلنا وأيدينا عن الحركة وأطلقنا لألسنتنا العنان لتُسقط فشلنا على الحكومات وتحتمى بالمتآمرين علينا فأصبحت أقوالنا عكس أفعالنا فأين يأتى التقدم؟
نحن نريد من يحولنا إلى شتلات بشرية بحيث يوضع آلاف من البشر في برطمان صغير ويُعاد توزيعنا من جديد في مناطق تحتاج إلينا بالفعل ونتعلم كيف نبنى أنفسنا إنسانيا أولًا حتى نصبح قادرين بالفعل أن نتعاون مع غيرنا من الشتلات في بناء وطن.
وبمرور الوقت نتحول من شتلات بشرية إلى بشر كامل الجسم والعقل متحضر يعرف ما يريده بالفعل ويسعى بكل طاقته الجماعية كخلية النحل في تحقيق ما يصبو إليه ويكون قادرا على إنتاج شتلاته البشرية بنفسه وتوجهها بما يناسب احتياجاته الفعلية أو يقوم بتصدرها إلى بلاد فقيرة في مواردها البشرية. حينئذ ستزال الحدود بين الدول وبعضها ولا تصبح لوجودها معنى.
فهل يعقل أن نعطى الرخصة للحيوانات والأحذية والأثاث بالتنقل من بلد إلى أخرى ولا يُعطى هذا الحق للإنسان إلا بعد التأكد من احتياج الدولة المضيفة إليه وإلى قدراته وما مدى فائدته لها.
نحن في حاجة إلى عالم جديد وبشر جديد ومفهوم جديد للحياة فإن من يعتقدون أنهم العالم المتقدم المتحكم في مصائر دول العالم الثالث مخطئون لأن هذا العالم الثالث الذين زرعوا فيه الفتن والجهل أصابهم بالعدوى القاتلة التي لا يملكون المناعة الكافية ضدها.
حقًا أنه عالم الجنون عالم الكذب وضبابية الرؤية فلا شىء مما نراه حقيقيا الكل يكذب وأخطر أنواع الكذب هو أن تكذب وتخدع نفسك بأشياء ليس لها صلة بالواقع وتحاول إيهام من حولك بما تعتقد أنه الحق وأنت نفسك تعيش في كذبة كبيرة.
لك الله يا مصر وفقكِ الله ورعاكِ