رئيس التحرير
عصام كامل

ألقاب وشهادات تباع على الرصيف


الأمة التي ينهار فيها العلم ويتوارى فيها العلماء ليتقدمهم الجهلاء والأمة التي لا تستطيع فيها التفرقة بين العالم الحقيقى وأشباه العلماء إنها أمة محكوم عليها بالموت.

إنها حرب من نوع آخر شنها علينا الغرب هم القادة فيها ونحن جنودها …جنود هذه الحرب هم مصريون مثلنا هم من يساهمون في هدم أعمدة الأمة بهدم أهم ركن فيها وهى القضاء على العلم ودفن العلماء أحياء بعد خلع ثوب العلم عنهم ليرتديه الجهلاء مصدقين أنفسهم أنهم أصبحوا علماء مضلليين الناس بالباطل.

انتشرت في الآونة الأخيرة معاهد ومؤسسات تمنح درجة البكالريوس والماجستير والدكتوراه وتعقد دورات تحكيم دولى فأصبحت معظم الناس في الدولة ممن يحملون لقب دكتور ومستشار وهذا للوجاهة الاجتماعية بلا أي مجهود يذكر ماعليك إلا أن تدفع الرسوم المقررة وتقدم أي أوراق منقولة من أي كتب أي كان نوعها وتطلب أن تُمنح درجة الماجستير أو الدكتوراه في التخصص الذي تريده وكله تحت بند دكتوراه في التنمية البشرية التي تشمل الاقتصاد والتجارة وحتى الموسيقى وكل العلوم المدنية والدينية.

ولا يشترط حصول طالب الدرجة على إتمام المرحلة الجامعية فيمكن لشخص كل مؤهلاته القراءة والكتابة ويُمنح درجة الدكتوراه.
هذه مهذلة بكل المقايس وذلك لانتشار تلك المؤسسات التي تنتمى معظمها إلى منظمات المجتمع المدنى فبدلًا من أن تساهم في بناء المجتمع وتساعد الحكومة في مهامها أصبحت هي الذراع الذي يهدم الدولة بكل ما أعطاها الله من قوة.

سيقول زملائى أساتذة الجامعة ومراكز البحوث الحقيقيين أنها شهادات غير معترف بها وما هى إلا ألقاب وشهادات تباع على الرصيف.

أقول لهم الخوف من أن يصبح لإصحاب هذا الرصيف الشرعية في أن يطالبون في التعيين بالجامعات المصرية أو يصبح هذا الرصيف جامعة تستقطب أساتذة الجامعات المصرية وإغرائهم بالمال وبذلك يكون عملهم داخلها هو اعتراف كامل بها ويكون هذا تحت إغراء المال لا أكثر.

أن يتساوى دكتور مكث عشر سنوات هي مدة دراسة الماجستير والدكتوراه تفرغ الطالب فيها تمامًا لأبحاثه ودراساته وقراءة المراجع الضخمة وعرض الأبحاث والقراءات خلال الندوات العلمية وتقييمه كل سنة مع دراسة منتظمة لمواد كثيرة لابد لها ألا يقل تقديره بها عن جيد جدًا لقبول مناقشة الرسالة بشخص أتى بالبراشوت ودفع الرسوم ونال الدرجة ويظهر على القنوات الفضائية ويقول أنا الدكتور فلان أو المستشار فلان.

كان عندما يقدم لى شخص على أنه المستشار فلان كنت أعتقد أنه ينتمى لسلك القضاء ولكنى اكتشفت الأمر بعد أن وجدت أن معظم الناس أصبحوا مستشارين وماهى إلا دورة مدتها بالكامل ثلاث ساعات تتكلف من ثمانمائة إلى ألف وخمسمائة جنيه وبعدها تأخذ كارنيه مكتوب عليه سيادة المستشار.

وكنت أتساءل لماذا فقد الأطفال القدوة ؟ذلك لأنهم اكتشفوا منذ نعومة أظافرهم أنه بالعلم يجوع العلماء ؟ ولما تتعب في صنع كيانك العلمى مادمت قادرًا على أن تشتريه جاهزًا.

لابد أن تتخذ الحكومة موقفا مشددا مع كل منظمات المجتمع المدنى وحتى لا تجد هوؤاء الذين يحملون تلك الشهادات يقومون بمظاهرة يطالبون الحكومة بتعيينهم في الجامعات والمراكز البحثية ويختلط الحابل بالنابل وتضيع هيبة أستاذ الجامعة والتعليم عمومًا بلا رجعة.

فهل أصبحنا قردة على الأشجار كما تنبأ الأستاذ الدكتور مصطفى محمود في كتابه الطريق إلى جهنم لأننا تخليان عن سلاح العلم ولهثنا وراء الشهادات المزيفة.

الحذر كل الحذر من مؤسسات المجتمع المدنى فهى سلاح ذو حدين لا يُستخدم منها غير الحد القاتل للأمة وبدون أن نشعر نموت في بحور الجهل أفيقوا أيها المصريون ولا تشاركوا من يريد قتلكم جهلًا فلك الله يامصر حماكى الله ورعاكى.
الجريدة الرسمية