فلاشات "الأوقاف" و"مصر الخير"

كنت قد كُلِفتُ ـ بشكل ودي ـ من مسئول كبير في وزارة الزراعة ـ قبل نحو ثلاثة أشهر، بتسويق مشروع قومي يستهدف تشغيل 20 ألف شاب، وتوطين أسرهم في منطقة الفرافرة ـ في الصحراء الغربية، شرط تقديم المستثمر الرئيسي (مصري أو عربي أو أجنبي) دراسة وافية تفيد الجدية وتبعث على طمأنينة الدولة.

اخترت في مشواري الأول هيئة الأوقاف، وقلت إنها الأولى بالمشروع، خاصة في مرحلته الأولى التي تستهدف زراعة عشرة آلاف فدان، سوف تقدمها الوزارة للمستثمر كاملة المرافق، خلال الربع الثالث من 2014، كما ستهديه "على البيعة" أرضا لا تصلح للزراعة، تكفي لإقامة مدينة سكنية وصناعية لخدمة المشروع.

رافقت رئيس هيئة الأوقاف، ومدير عام "مجموعتها الوطنية"، التي افتكسها الوزير محمد مختار جمعة "لغرض في نفس عائلة الأوقاف"، حيث استمعا لشرح مفصل عن المشروع من المهندس أيمن المعداوي مدير إدارة الاستصلاح بالوزارة، والذي أعطاهم أوراق الاعتماد، على أمل تقديم دراسة في فترة لا تزيد على 30 يوما، ومرت أكثر من 90 يوما ولم يحدث شيء.

الأمر نفسه، تكرر مع مؤسسة "مصر الخير"، حيث جذبتني حملاتهم الإعلانية في معظم القنوات الفضائية والصحف الكبرى، وقلت ربما تكون الأصدق، حيث توجه أعمالها لأكثر من 40 % من أبناء الشعب المصري، الذين هم تحت خط الفقر.

صدقت هذه المؤسسة بأنها تعمل في مجال تنمية الإنسان أيضا، أي لا يتوقف عملها على الصدقات والمعونات للمعوذين فقط، ومن خلال مستشارهم الإعلامي، وصلت إلى جناحهم في معرض "إجرينا" لصناعة مستلزمات الإنتاج الداجني، وكان ذلك قبل نحو أسبوعين فقط، وفي أرض المعارض في القاهرة.

انتظرت العضو المنتدب أكثر من ثلاث ساعات، استدرجني فيها بالقطاعي، حيث كان يتم الاتصال به من خلال زميلته مديرة تسويق "أرض الخير"، ليخبرها بأنه سيصل بعد عشر دقائق فقط، ليصل فعلا بعد نحو 180 دقيقة، وكانت المفاجأة أن المنصب الذي تشرئب له الأعناق في الشركات والمؤسسات الكبرى، يشغله شاب "مفتول العضلات"، فاستشعرت الخيبة للحظات ـ ليس لصغر سنه ـ ولكن لاستصغاره كل من تسول له نفسه طلب لقائه، خاصة إذا كان صحفيا أو إعلاميا.

ببرود مصطنع مني، ولا مبالاة مقصودة من طرفي أيضا، استعرضت له المشروع الأمل، وقلت له: إذا كان ما أراه من إعلانات يصب في خانة الصدق، فأنتم الأولى بعشرة آلاف فدان ستسلمها وزارة الزراعة كاملة المرافق "تسليم مفتاح" لمستثمر جاد، وأعدت عليه ما قلته بالحرف وأكثر لرئيس هيئة الأوقاف سابقا.

بدأت الجدية تتسرب إلى وجه محمود قنديل العضو المنتدب لمؤسسة مصر الخير، لكنه حاول التقليل من أهمية عرضي، بأن أخبرني بأن المؤسسة لديها بروتوكول تعاون مع جهاز الخدمة الوطنية على أرض الفرافرة، فرددته بكل ثقة بأن دور الجهاز ينحصر في استصلاح المرحلة الأولى من مشروع تبلغ مساحته الإجمالية 102 ألف فدان، لصالح مشروع وزارة الزراعة لشباب الخريجين وغير الخريجين ـ حسب تعبير المهندس أيمن المعداوي.

وحينما لم يجد قنديل مفرا، واعدني على اللقاء يوم الإثنين 16 يونيو، في اجتماع يضم رئيس مجلس إدارة "مصر الخير" أيضا، وليلة الاجتماع الموعود، لم يرد على أكثر من عشر محاولات اتصالات من طرفي، إلا بجملة إنجليزية ركيكة "جاهزة": I،m in my way