رئيس التحرير
عصام كامل

هذا من فضل الله

فيتو

أنعم الله على بزيارة بيته الحرام على مدار الأسبوعين الماضيين ومهما تحدثت عن شعورى الداخلى وسعادتى لهذه الزيارة لا تسع الدنيا فرحتى ووجدت هناك وجوهًا وألوانًا لم أرها من قبل جاءت من آخر البلاد كى يطلبوا عفو ورضا الله عز وجل ويبحثون عن الراحة التى نفتقدها هذه الأيام فكل من وقف أمام الكعبة المشرفة انتفض قلبه واهتز هزة لم يشعر بها من قبل وكأن روحه ستخرج من شدة الموقف والرغبة فى عدم ضياع أى حسنة على الرغم من أن النية وحدها تكافئ زائر هذا المكان .

 
وفى الحقيقة وجدت أن جميع الفنادق المحيطة بالحرمين الشرفين سواء فى مكة أو المدينة محجوزة لصالح تركيا حتى شهر أكتوبر القادم ووجدت أن أعداد المصريين فى السنوات القليلة الماضية لا تزداد إلا فى عمرة شهر رمضان وفى الحج وغير ذلك تجد مسلمين من كل الأجناس يذهبون كى يغتسلوا من ذنوبهم وليس لسبب سياسى بل السبب الحقيقى انشغالهم بأمور الدنيا فقط .

وبصراحة شديدة جلست فى إحدى المرات متعجبًا من موقف بعض المسلمين وخاصة من المقربين الذين لا يقبلون على الله وينشغلون بأعمال الدنيا حتى إن الصلاة التى تعتبر عماد الدين لا يركعونها ونسوا أن نهايتهم ستكون "القبر" كيف سيلقون الله وبأى إجابة سيردون على أسئلة ملائكة القبر وأقول بصدق إن هناك أشخاصاً منحهم الله حب الناس والمال الكثير وغيرهم من المغريات الدنيوية ونسوا حق من منحهم هذه النعمة عليهم.

وأعترف أننى كنت فى فترة زمنية بعيداً عن الالتزام بحقوق ربى ودينى ..حتى فقدت أغلى ما رأت عينى وهو شقيقتى الصغرى والتى لم تبلغ سوى أحد عشر عاما سألت نفسى كيف أعطانى الله عمراً مثل عمرها مرتين ولم أعرف طريق إرضائه وأقترب من فضله ورضاه وعلمت أن أفضل وقت إلى للدعاء هو وقت السحر " قيام الليل" ورحت أفعل شيئاً لم أفعله من قبل فكنت أقص عليه ما يحدث لى من أمور لأنه علام الغيوب ويعلم السر والعلن وأفضل من يحفظ سرك ويعطيك مرادك ... وأنا أعتبر أن عملى هو رسالتى فى الحياة التى أكون مطالباً بها أمام الله ليس بحثًا عن مال وفير فقط ولكن قبل كل شىء أبحث عن رسالة أتركها فى الدنيا تعيش أمدًا بعد وفاتى، وأعترف أن فضل الله ثم أساتذتى هو سبب أى نجاح أصل إليه .

أرجو من يقرأ تلك السطور ألا يمل ولا يعتقد أنى أشهر بنفسى ولكن أدعوكم وأدعو نفسى إلى مراجعة أعمالنا قبل توقف ساعة الحياة ووقتها لن ينفع أحد لا إخوان ولا سلفيين ولا ليبراليين ولا حتى جبهة إنقاذ.. القبر لا يفرق بين أحد.. فبداية الإصلاح تأتى بإصلاح النفس.

الجريدة الرسمية