ليخ فاونسا.. رئيس دولة صنع تاريخًا وهزمه الفقر وقهر زوجته
ليخ فاونسا.. اسم لا تعرفه الأجيال الجديدة لكن عالم
القادة يعرفونه جيدًا، بعدما تَوج نضاله بتولى رئاسة بولندا فى الفترة ما بين 1990 حتى
عام 1995، وقتها كان كغيره من الزعماء لا يتحرك دون حراسة، الجميع ينتظر إشارة
لتلبية مطالبه، وشعبه يترقب تصريح مقتضب منه أو حديث مطول للصحافة أو الفضائيات.
الرئيس البولندي الأسبق، ليخ فاونسا، لم يكن كغيره من الزعماء مجرد رئيس تولى حكم بلاده، بل يمتلك تاريخًا حافلًا بالإنجازات خصوصًا أنه كان أول مَن ساهم فى تفكيك الاتحاد السوفيتي، وقبل كل ذلك حاصلًا على جائزة نوبل.
عاش السياسي البولندي حياة الكبار اجتمع مع زعماء العالم، كان يتحكم فى خزائن دولة تعد متقدمة، من المؤكد أنه كأب كان أيضًا أولاده ينتظرون لحظة شاغرة فى حياته العامرة بهدف المداعبة أو الأحاديث الخاصة، زوجتها هى الأخرى ربما كانت تحلم حينها بإعداد طبق غذاء يتناوله من يدها كأي زوجة بالعالم تعتبر أن طعام زوجتها من صلب مهمته، ومن المرجح أنها هى شخصيًا كانت تستأذن فى دخول مكتبه.
لكن كغيره من الرجال عندما يغادر منصبه ويبقى رهين جدران منزله وتنقطع صلته بالعمل يتبدل الحال، وتصبح زوجته رئيسة الجمهورية التى تصدر القرارات المتعلقة بمصيره، ويكبر الأبناء ويعتبرون حديثه عن إنجازاته السابقة وتاريخه المهنى "صداع"، وأصبح الرجل القوى يشتكى من ضيق الحال.
واعترف الرئيس البولندي الأسبق، ليخ فاونسا، الحاصل في عام 1983 على جائزة نوبل للسلام، اليوم، أنه يعانى من ضيق الحال "مفلس وجيبه خاوٍ" وحالته المالية سيئة، بحسب ما ذكر في مقابلة أجراها معه موقع «Interia» الإخباري البولندي الشهير.
وذكر الرئيس الأسبق، البالغ 77 سنة، أن فيروس كورونا المستجد غيَّر حياته، إلى درجة أنه لم يعد بإمكانه شراء هدية لأحد في عيد الميلاد.
كما تحدث عن علاقاته بأبنائه الثمانية وأحفاده، فقال إنهم "سئموا" منه ومن نشاطه السياسي، متابعًا: لا يسمحون لي حتى بالتحدث، لذلك أنزوي إلى الطاولة وأجلس عندها بهدوء، وأجدهم بالكاد يعيروني اهتمامًا وهم يتحاورون فيما بينهم، من دون إبداء أي رغبة في التحدث معي عن أموري القديمة.. أبنائي نشيطون وكذلك زوجتي دانوتا لكني لست ناشطًا بالضرورة.
اشتكى أيضًا صاحب المقام الرفيع من زوجته التي تفرض عليه حدودًا وقواعد في البيت، "وهي تطاردني، ولا تسمح لي بلمس أشياء كثيرة.. هذا ليس عدلًا، ولا مساواة، وأنا لا أحب ذلك أيضًا، لكننا نشأنا هكذا في الأرياف نحن الرجال"، مضيفًا أنه لم يعد يتمكن من تغيير الأشياء كما في الماضي.. في الماضي غيَّر هذا الرجل الأوضاع في أمة بأسرها، إلى درجة أنه ساهم بتفكيك وانهيار الاتحاد السوفيتي.
وبحسب مقال سابق للكاتبة، سوزان سعيد، وُلد ليخ فاونسا في سبتمبر عام 1943، وكانت بلاده "بولندا" ما تزال خاضعة للاحتلال النازي الألماني.
وقد كانت بولندا أول شرارة في الحرب العالمية الثانية التي بدأها هتلر عام 1939 بغزو الأراضي البولندية بدعوى استعادة ميناء دانتزيج البولندي، وهو الميناء الذي غيَّر البولنديون اسمه فيما بعد، وأصبح باسم «جدانسك»، وتشاء الظروف أن يكون هذا الميناء نفسه هو الذي شهد أول شرارة في الحرب ضد الشيوعية.
ينتمى لعائلة كاثوليكية بالغة الفقر من الفلاحين، وفي سن عامين توفي أبوه الذي اعتقله الألمان وأودعوه أحد المعتقلات النازية ثم أفرجوا عنه.
ولم يكن فاونسا متفوقـًا في دراسته، بل كان يتجرع الدروس كالدواء باستثناء مادة التاريخ التي كان يعتبرها مادته المفضلة.
ورغم زواج أمه من عم الأولاد، فإنها لعبت دورًا أساسيًّا في حياة فاونسا، إذ زرعت فيه حب العمل واحترام الدين في بلد يحارب نظامه الشيوعي الأديان.
ومثل ملايين الفلاحين الذين اضطرتهم ظروف الاقتصاد إلى أن يهاجروا إلى المدن فقد هاجر فاونسا عام 1967 إلى ميناء دانتزيج الذي أصبح اسمه جدانسك، حيث عمل كهربائيًّا في حوض بناء السفن.
كان رئيس بولندا الأسبق في ذلك الوقت نموذجًا للمواطن المتحمس للأفكار الاشتراكية، والمتطلع إلى بناء بولندا الجديدة.
وفي عام 1970 بدأ التحول الحقيقي في حياته عندما قررت الحكومة بقيادة جومولكا رفع أسعار اللحوم، التي تعد خبز البولنديين وطعامهم الأساسي، وكانت مفاجأة لجومولكا رئيس بولندا القوي أن يجد معارضًا لقراره في المكتب السياسي للحزب، وأن يجد أيضًا ثورة عارمة من الشعب الذي تعود الطاعة والامتثال لقرارته.
وأصدر جومولكا قرارًا بمواجهة الثورة بالعنف وإطلاق النار، فقُتل عدد كبير من الضحايا، لكن الثورة على العكس زادت وانتهت بخلع جومولكا.
وتولى جيريك الذي عارضه مكانه، وكان أول ما فعله أن ألغى الزيادات التي تقررت على الأسعار واستعاد الهدوء والسيطرة على البلاد.
ومن المظاهرات وحركة الاضطرابات التي شهدها فاونسا، أدرك أن هناك وسيلة أخرى ليقول الإنسان رأيه رغم أنه حاول أن يحث زملاءه على الالتزام بالنظام.
وبعد تولي جيريك اعتقد البولنديون بإمكانية إحداث تغييرات إلى الأفضل، لكن آمالهم ما لبثت أن أصيبت بالفشل، فقد عادت الصعوبات الاقتصادية تتزايد خلال السبعينيات إلى أن جاء عام 1980 والمصاعب أسوأ وأسوأ، واضطر الرئيس جيريك إلى أن يتخذ القرارات نفسها التي سبق أن عارض هو نفسه صدورها قبل 10 سنوات، ومنها قرار زيادة عدد من السلع وعلى رأسها اللحوم.
وتجمَّع على غير اتفاق عمال الوردية الصباحية، وراحوا يعبِّرون عن سخطهم واحتجاجاتهم على هذه الزيادة في الأسعار واختفاء اللحوم، وكان من الممكن أن تنتهي هذه التجمعات ويتفرق العمال، خاصة بعد أن شرح لهم مندوب من الحزب الشيوعي الظروف القاسية التي تعيشها البلاد، ولكن وقف الشاب ليخ فاونسا ذو الشارب الغليظ الذي يملأ وجهه، وما كاد يتحدث حتى أشعل النار التي انطفأت بين زملائه، وحوَّلهم من شبه رماد إلى كتلة من الجمر الحارق.
وتتناقل وكالات الأنباء العالمية خبر الشاب البولندي الذي حرَّك جموع العمال في جدانسك، وتمتد شرارة النيران إلى كل بولندا.
ويتوقَّع الكثيرون أن تتدخَّل موسكو وترسل قواتها لوأد الحركة البولندية العمالية كما فعلت من قبل مع المجر عام 1956، ولكن العالم يفاجأ بظهور هذا الشاب على شاشة التليفزيون وهو يوقِّع مع نائب رئيس وزراء بولندا في ذلك الوقت ما أطلق عليه "اتفاق جدانسك"، الذي كان أغرب ما فيه أن مادته الأولى تعطي العمال البولنديين الحق في إنشاء اتحادات مستقلة وتكوينها.
ومن المؤكد أن الحكومة البولندية لم تنظر بعين الجدية إلى هذا الاتفاق، الذي تصورت أن بمجرد توقيعه سوف تهدأ الثورة العمالية المستقلة، وبعد ذلك يمارس الحزب الشيوعي دوره، ويقبضون على المحرضين والزعامات ويقلمون أظافرهم، ويستعيد الحزب سيطرته على كل الأمور من جديد.
ولكن الذي حدث في بولندا كان مختلفًا، فما كاد يعلن عن هذا الاتفاق حتى اتجه ملايين العمال إلى تكوين حركة جديدة اسمها "تضامن" تضم العمال مع المثقفين مع عدد من رجال الكنيسة الذين بدأوا يقوُّون مواقفهم بعد أن نُصِّب لأول مرة في تاريخ الفاتيكان بابا من بولندا.
وهكذا ما إن قامت حركة العمال التي أشعلها ليخ فاونسا حتى وجدت بولندا، ومعها الاتحاد السوفيتي وكل الدول الشيوعية، وجدوا أنفسهم في مأزق سقطوا فيه.
منح فاونسا جائزة نوبل للسلام في عام 1983، ومنحته جامعة هارفارد الأمريكية الدكتوراه الفخرية، وفي عام 1990 أصبح فاونسا أول رئيس لجمهورية بولندا بالانتخاب الحر.
على الرغم من فقدان شعبيته، ما يزال ليخ فاونسا يلقى التبجيل والاحترام لأنه الرجل الذي تخلص من الشيوعية وأدخل الديمقراطية في بولندا، وتشمل إنجازاته الأخرى خفض الديون الخارجية وانسحاب القوات السوفيتية من البلاد.
وقد حصل الرئيس البولندي الأسبق على 30 جائزة حكومية و50 جائزة من 30 دولة، وهو مواطن فخري لأكثر من 30 مدينة في جميع أنحاء العالم بما في ذلك لندن.
الرئيس البولندي الأسبق، ليخ فاونسا، لم يكن كغيره من الزعماء مجرد رئيس تولى حكم بلاده، بل يمتلك تاريخًا حافلًا بالإنجازات خصوصًا أنه كان أول مَن ساهم فى تفكيك الاتحاد السوفيتي، وقبل كل ذلك حاصلًا على جائزة نوبل.
عاش السياسي البولندي حياة الكبار اجتمع مع زعماء العالم، كان يتحكم فى خزائن دولة تعد متقدمة، من المؤكد أنه كأب كان أيضًا أولاده ينتظرون لحظة شاغرة فى حياته العامرة بهدف المداعبة أو الأحاديث الخاصة، زوجتها هى الأخرى ربما كانت تحلم حينها بإعداد طبق غذاء يتناوله من يدها كأي زوجة بالعالم تعتبر أن طعام زوجتها من صلب مهمته، ومن المرجح أنها هى شخصيًا كانت تستأذن فى دخول مكتبه.
لكن كغيره من الرجال عندما يغادر منصبه ويبقى رهين جدران منزله وتنقطع صلته بالعمل يتبدل الحال، وتصبح زوجته رئيسة الجمهورية التى تصدر القرارات المتعلقة بمصيره، ويكبر الأبناء ويعتبرون حديثه عن إنجازاته السابقة وتاريخه المهنى "صداع"، وأصبح الرجل القوى يشتكى من ضيق الحال.
واعترف الرئيس البولندي الأسبق، ليخ فاونسا، الحاصل في عام 1983 على جائزة نوبل للسلام، اليوم، أنه يعانى من ضيق الحال "مفلس وجيبه خاوٍ" وحالته المالية سيئة، بحسب ما ذكر في مقابلة أجراها معه موقع «Interia» الإخباري البولندي الشهير.
وذكر الرئيس الأسبق، البالغ 77 سنة، أن فيروس كورونا المستجد غيَّر حياته، إلى درجة أنه لم يعد بإمكانه شراء هدية لأحد في عيد الميلاد.
كما تحدث عن علاقاته بأبنائه الثمانية وأحفاده، فقال إنهم "سئموا" منه ومن نشاطه السياسي، متابعًا: لا يسمحون لي حتى بالتحدث، لذلك أنزوي إلى الطاولة وأجلس عندها بهدوء، وأجدهم بالكاد يعيروني اهتمامًا وهم يتحاورون فيما بينهم، من دون إبداء أي رغبة في التحدث معي عن أموري القديمة.. أبنائي نشيطون وكذلك زوجتي دانوتا لكني لست ناشطًا بالضرورة.
اشتكى أيضًا صاحب المقام الرفيع من زوجته التي تفرض عليه حدودًا وقواعد في البيت، "وهي تطاردني، ولا تسمح لي بلمس أشياء كثيرة.. هذا ليس عدلًا، ولا مساواة، وأنا لا أحب ذلك أيضًا، لكننا نشأنا هكذا في الأرياف نحن الرجال"، مضيفًا أنه لم يعد يتمكن من تغيير الأشياء كما في الماضي.. في الماضي غيَّر هذا الرجل الأوضاع في أمة بأسرها، إلى درجة أنه ساهم بتفكيك وانهيار الاتحاد السوفيتي.
وبحسب مقال سابق للكاتبة، سوزان سعيد، وُلد ليخ فاونسا في سبتمبر عام 1943، وكانت بلاده "بولندا" ما تزال خاضعة للاحتلال النازي الألماني.
وقد كانت بولندا أول شرارة في الحرب العالمية الثانية التي بدأها هتلر عام 1939 بغزو الأراضي البولندية بدعوى استعادة ميناء دانتزيج البولندي، وهو الميناء الذي غيَّر البولنديون اسمه فيما بعد، وأصبح باسم «جدانسك»، وتشاء الظروف أن يكون هذا الميناء نفسه هو الذي شهد أول شرارة في الحرب ضد الشيوعية.
ينتمى لعائلة كاثوليكية بالغة الفقر من الفلاحين، وفي سن عامين توفي أبوه الذي اعتقله الألمان وأودعوه أحد المعتقلات النازية ثم أفرجوا عنه.
ولم يكن فاونسا متفوقـًا في دراسته، بل كان يتجرع الدروس كالدواء باستثناء مادة التاريخ التي كان يعتبرها مادته المفضلة.
ورغم زواج أمه من عم الأولاد، فإنها لعبت دورًا أساسيًّا في حياة فاونسا، إذ زرعت فيه حب العمل واحترام الدين في بلد يحارب نظامه الشيوعي الأديان.
ومثل ملايين الفلاحين الذين اضطرتهم ظروف الاقتصاد إلى أن يهاجروا إلى المدن فقد هاجر فاونسا عام 1967 إلى ميناء دانتزيج الذي أصبح اسمه جدانسك، حيث عمل كهربائيًّا في حوض بناء السفن.
كان رئيس بولندا الأسبق في ذلك الوقت نموذجًا للمواطن المتحمس للأفكار الاشتراكية، والمتطلع إلى بناء بولندا الجديدة.
وفي عام 1970 بدأ التحول الحقيقي في حياته عندما قررت الحكومة بقيادة جومولكا رفع أسعار اللحوم، التي تعد خبز البولنديين وطعامهم الأساسي، وكانت مفاجأة لجومولكا رئيس بولندا القوي أن يجد معارضًا لقراره في المكتب السياسي للحزب، وأن يجد أيضًا ثورة عارمة من الشعب الذي تعود الطاعة والامتثال لقرارته.
وأصدر جومولكا قرارًا بمواجهة الثورة بالعنف وإطلاق النار، فقُتل عدد كبير من الضحايا، لكن الثورة على العكس زادت وانتهت بخلع جومولكا.
وتولى جيريك الذي عارضه مكانه، وكان أول ما فعله أن ألغى الزيادات التي تقررت على الأسعار واستعاد الهدوء والسيطرة على البلاد.
ومن المظاهرات وحركة الاضطرابات التي شهدها فاونسا، أدرك أن هناك وسيلة أخرى ليقول الإنسان رأيه رغم أنه حاول أن يحث زملاءه على الالتزام بالنظام.
وبعد تولي جيريك اعتقد البولنديون بإمكانية إحداث تغييرات إلى الأفضل، لكن آمالهم ما لبثت أن أصيبت بالفشل، فقد عادت الصعوبات الاقتصادية تتزايد خلال السبعينيات إلى أن جاء عام 1980 والمصاعب أسوأ وأسوأ، واضطر الرئيس جيريك إلى أن يتخذ القرارات نفسها التي سبق أن عارض هو نفسه صدورها قبل 10 سنوات، ومنها قرار زيادة عدد من السلع وعلى رأسها اللحوم.
وتجمَّع على غير اتفاق عمال الوردية الصباحية، وراحوا يعبِّرون عن سخطهم واحتجاجاتهم على هذه الزيادة في الأسعار واختفاء اللحوم، وكان من الممكن أن تنتهي هذه التجمعات ويتفرق العمال، خاصة بعد أن شرح لهم مندوب من الحزب الشيوعي الظروف القاسية التي تعيشها البلاد، ولكن وقف الشاب ليخ فاونسا ذو الشارب الغليظ الذي يملأ وجهه، وما كاد يتحدث حتى أشعل النار التي انطفأت بين زملائه، وحوَّلهم من شبه رماد إلى كتلة من الجمر الحارق.
وتتناقل وكالات الأنباء العالمية خبر الشاب البولندي الذي حرَّك جموع العمال في جدانسك، وتمتد شرارة النيران إلى كل بولندا.
ويتوقَّع الكثيرون أن تتدخَّل موسكو وترسل قواتها لوأد الحركة البولندية العمالية كما فعلت من قبل مع المجر عام 1956، ولكن العالم يفاجأ بظهور هذا الشاب على شاشة التليفزيون وهو يوقِّع مع نائب رئيس وزراء بولندا في ذلك الوقت ما أطلق عليه "اتفاق جدانسك"، الذي كان أغرب ما فيه أن مادته الأولى تعطي العمال البولنديين الحق في إنشاء اتحادات مستقلة وتكوينها.
ومن المؤكد أن الحكومة البولندية لم تنظر بعين الجدية إلى هذا الاتفاق، الذي تصورت أن بمجرد توقيعه سوف تهدأ الثورة العمالية المستقلة، وبعد ذلك يمارس الحزب الشيوعي دوره، ويقبضون على المحرضين والزعامات ويقلمون أظافرهم، ويستعيد الحزب سيطرته على كل الأمور من جديد.
ولكن الذي حدث في بولندا كان مختلفًا، فما كاد يعلن عن هذا الاتفاق حتى اتجه ملايين العمال إلى تكوين حركة جديدة اسمها "تضامن" تضم العمال مع المثقفين مع عدد من رجال الكنيسة الذين بدأوا يقوُّون مواقفهم بعد أن نُصِّب لأول مرة في تاريخ الفاتيكان بابا من بولندا.
وهكذا ما إن قامت حركة العمال التي أشعلها ليخ فاونسا حتى وجدت بولندا، ومعها الاتحاد السوفيتي وكل الدول الشيوعية، وجدوا أنفسهم في مأزق سقطوا فيه.
منح فاونسا جائزة نوبل للسلام في عام 1983، ومنحته جامعة هارفارد الأمريكية الدكتوراه الفخرية، وفي عام 1990 أصبح فاونسا أول رئيس لجمهورية بولندا بالانتخاب الحر.
على الرغم من فقدان شعبيته، ما يزال ليخ فاونسا يلقى التبجيل والاحترام لأنه الرجل الذي تخلص من الشيوعية وأدخل الديمقراطية في بولندا، وتشمل إنجازاته الأخرى خفض الديون الخارجية وانسحاب القوات السوفيتية من البلاد.
وقد حصل الرئيس البولندي الأسبق على 30 جائزة حكومية و50 جائزة من 30 دولة، وهو مواطن فخري لأكثر من 30 مدينة في جميع أنحاء العالم بما في ذلك لندن.