رفقًا بوزير الخارجية!
كان الأوفق لوزارة الخارجية أن تعتذر عن العبارة غير الموفقة التي صدرت عن الوزير في حواره مع إحدي الفضائيات الأمريكية.. بدلا من العناد وتقديم مبررات تستفز المواطنين ولا تقنعهم.
بيان الوزارة يشير إلى أن العبارة المسيئة التي جاءت على لسان الوزير انتزعت من سياق الحوار بما يفيد من معناها، وأن التشبيه بزواج دولة من أخرى متداول في الأدبيات الغربية.
تجاهل البيان أن الحوار شاهده آلاف المصريين.. وتم تبادله على شبكات التواصل الاجتماعي.. وأن العبارات لم تنتزع من مسارها.. ولو افترضنا أن مثل التشبية المسيء متداول في بلاد أخرى، فإنها تستفز المصريين الذين عبروا عن غضبهم.. وطالب البعض منهم من الوزير أن يستقيل.. واستعاد آخرون تصريح أمين عثمان بالزواج الكاثوليكي بين مصر وإنجلترا.. الذي أودى بحياته على أيدي فدائيين مصريين.
وما يدعو للتأمل أن بعض الذين صفقوا للوزير وأشادوا بالإنجازات التي حققها على المستوي العالمي، تجاهلوا أي إنجازات للرجل وأنه قبل بتولي المسئولية الثقيلة في ظل ظروف غير مواتية على الإطلاق.
أمريكا لا تخفي العداء للنظام المصري وتتفق مع الدول الغربية على أن ما جرى انقلاب عسكري لا ثورة، والدول الأفريقية تستبعد مصر بحجة الانقلاب على نظام شرعي والجماعة الإرهابية تنجح في اجتذاب قطاعات واسعة في الرأي العام العالمي لتأييدها، وإثيوبيا تواصل تحديها للمصريين وتواصل بناء سد النهضة، متجاهلة كل محاولات التوفيق التي تبذل من أجل إقناعها بمراعاة المصالح المشتركة للشعبين، وكان دور الدبلوماسية المصرية بارزا في إقناع الدول التي تمول إقامة السد بأن تراجع مواقفها.
يحسب للوزير نبيل فهمي أنه عمل بنشاط منقطع النظير على كافة الجهات، وتمكن من إحداث تغيرات جوهرية في تلك المواقف. وبالرغم من الألغام التي زرعت سواء من الجماعة التي شنت حملة دعائية ضد زيارة الوزير لأمريكا، أو الآثار السلبية التي واكبت صدور أحكام قضائية بإعدام الإخوان.. إلا أن الزيارة حققت العديد من أهدافها لتوضيح أن السلطة التنفيذية في مصر لا تتدخل في مجال القضاء، وأن مصر صاحبة قرار مستقل وترفض تدخل الآخرين في شئونها، ونقل صورة حقيقية للأوضاع في مصر.. التي عملت الجماعة على تشويهها.
وتجيء الردود الإيجابية من جانب المسئولين الأمريكيين شهادة على نجاح الرجل في إقناعهم بعدالة قضايانا. وكان لقاء الوزير مع بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة وإقناعه بالأولوية القصوى للضمان الأمني المائي لمصر، ما يتطلب الحوار مع الجانب الإثيوبي، من أهم الحوارات التي أجراها الوزير في أمريكا.
أخطأ الوزير.. نعم ولا يستطيع أحد أن يدافع عن هذا الخطأ. وكان للوزير إنجازات غير مشكورة، لا يمكن لمنصف أن يتجاهلها، نعم أيضا.. وليس من صالح الوطن إنكار جهود الرجل.