رئيس التحرير
عصام كامل

كومبارس مجلس علماء مصر


بمجرد دعوتى لحضور مؤتمر لمجلس علماء مصر في فندق ماريوت الزمالك رحبت كثيرًا وحرصت على حضوره برغم انشغالى في كثير من الأعمال التي أرجأتها إلى حين.. وكنت أعلم مسبقًا أن المؤتمر بخصوص تأييد السيد عبد الفتاح السيسيى كرئيس للجمهورية وهذه كانت علامة أخرى من العلامات التي كانت تدور برأسى حول هذا المجلس (مجلس علماء مصر) الذي تابعت نشاطه منذ عام مضى.


وجدته كثير الدأب في عمل بروتوكولات مع كثير من الوزارات المهمة مثل وزارة الزراعة وبعض الشركات الخاصة التي يمتلكها أحد أعضاء المجلس، وهو ليس من حملة الدكتوراه أو الماجستير وهو دائمًا التحدث مع المتقدمين لنيل عضوية المجلس بفتور لا يليق بمركزهم العلمى، أو حتى بما يحملونه من علم، وهذا ما جعلنى أبحث عن هذا المجلس الغريب والذي وجدت أن وجود العلماء فيه مجرد كومبارس لتلميع نجوم المجلس وقياداته ومؤسسيه.

وما ينفق على الندوات والمؤتمرات والبروتوكولات تشهد أن وراء هذا المجلس غرضا آخر غير أن يكون منتدى يجتمع فيه علماء مصر، فهو مجلس أبعد ما يكون عن العلم والعلماء فهو باب آخر للبيزنس وشكل جديد من أشكال الأحزاب والحركات والجبهات السياسية.

وكنت أعتقد أنه مجلس يبحث عن العقليات العلمية وأصحاب المبتكرات التي تفيد الوطن، واعتقدت أيضًا أنه يجند علماء مصر المعروفين في خدمة العلم واكتشاف علماء جدد أو على الأقل العمل على إزالة كل المعوقات التي يقابلها العالم في أبحاثه أو عمل ورش علمية وبروتوكولات علمية بين الجامعات المعروفة عالميًا، وعلمائها لتبادل الخبرات بينها وبين علمائنا، ولكنى اكتشفت ما يصدمنى في أن هذا المجلس وجد ليس لأغراض علمية ولكن لأغراض أخرى سياسية وتجارية وأى شىء آخر غير العلم.

فهل يصح لمجلس يعتبر منتدى لعلماء مصر أن ينحاز لمرشح بعينه، فمن المفروض أنه منتدى يجمع في طياته كل العلماء بجميع تخصصاتهم وانتمائاتهم الحزبية والعقائدية، ولكنه لأنه لا يعنيه الغرض العلمى مطلقًا والعلماء لديه ما هم إلا كومبارس في مسرحية هزلية تسمى مجلس علماء مصر، فكل شىء مباح لتلميع شخصيات بعينها وتقديمها للمجتمع المصرى على أنهم صفوة العلماء.

إن من أنشأه ويموله ببزخ يعلمه الله وسيظهر جليًا قريبًا، ولكن من المعلوم أنه مجلس حزبى يريد أن يثبت أقدامه على أرض السياسة حتى ينال حظا وفيرا من التقسيمة السياسية للعودة بمصر إلى ما قبل الثورة بأعوام وعودة نفس النظام القديم ولكن بثوب يقبله الناس كساسة جدد على الساحة.

والكل يعلم وعلى يقين أن المرشح عبد الفتاح السيسي هو رئيس مصر القادم، لذلك تجدهم يتمسحون ويتقربون من الفضائيات لتوثيق تأييدهم له كرئيس جمهورية وزيارته والتقرب منه ولنا أن نتخيل ماذا يقول الناس عندما يشاهدون الرئيس القادم وهو يدعم علماء مصر من خلال مجلس علماء مصر، والذي يريد أن يأخذ تلك الشرعية من خلال البروتوكولات مع الوزارات المختلفة، ويسهل على من لديه شركة وأعمال وعضو في المجلس أن يعمل هو أيضًا بروتوكول مع المجلس، وتصبح المصالح متداخلة بين نجوم المجلس ونجوم المجتمع ورجال الأعمال والمساكين العلماء أو حملة الدكتوراه والماجستير والذين ينتمون إلى جهات بحثية وعلمية وجامعية يصبحون مجرد كومبارس ينتظر كل منهم دورا صغيرا ليظهر مواهبه أملا في أن يصبح نجما هو أيضًا في عالم السياسة والمال، والعلم مجرد ستار خشبة المسرح التي تخفى وراءها كل ما يُجَهز ليُظهر للناس ما يريدون هم أن يراه الناس فقط، وليس الحقيقة وليس الاهتمام لا بالعلم ولا بالعلماء، ولا بأى شىء غير مصالحهم الشخصية فقط.

وكلمة أخيرة يا سيادة المرشح لا تهتم بكل الذين يطبلون ويهللون لك ويعقدون المؤتمرات والندوات لتأييدك.. فكلهم منتفعون لا أكثر.. اهتم بالشارع والناس البسطاء وهذا هو سلاحك الحقيقى وزادك وزوادك والله في عونك وأراك الحق حقًا ويرزقك اتباعه.. ولك الله يا مصر.

الجريدة الرسمية