رئيس التحرير
عصام كامل

كاتب سعودي يفجر مفاجأة: «تسجيلات» أمير قطر السابق حول السعودية وراء نقل السلطة لـ«تميم».. «العتيبي»: المملكة والإمارات والبحرين حصلت على المكالمات قبل شهور.. وصفقة «


فجر الكاتب الصحفي السعودي عبدالله ناصر العتيبي، مفاجأة تكشف جانبًا من كواليس نقل السلطة في قطر من الأمير حمد بن خليفة إلى نجله الأمير الحالي «تميم».


وكشف «العتيبي»، في مقال اليوم الثلاثاء، بصحيفة «الحياة» اللندنية، أن التسجيلات «المسربة» مؤخرًا لأمير قطر السابق ووزير خارجية حمد بن جاسم، خلال حديث مع العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، كانت السبب الرئيسي في الإجراءات التي تمت في قطر.

وقال «العتيبي»، إن هذه التسجيلات كانت في حوزة دول خليجية على رأسها السعودية والإمارات والبحرين قبل نشرها مؤخرًا في وسائل الإعلام، مشيرًا إلى «إبعاد حمد عن حكم قطــــر واستبداله بابنه تميم كان صفقة واجبة العقد مــــنذ أشهر بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة، وقطر مـــن جـــهة أخرى، لضمان الحفاظ على العلاقات ما بين الجيران - وإن في أدنى مستوياتها - بعد تسرب بعض التســـجيلات الصوتية للشـــيخ حمد بن خليفة ووزير الخارجية الشيـــخ حمد بن جاسم، يتعرضان فيها بسوء للدول الثلاث».

وكشف تسجيلٌ صوتي منسوب لأمير قطر السابق حمد بن خليفة، ووزير خارجيته حمد بن جاسم، في اجتماعٍ مع العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، عن التآمر على السعودية والسعي لنشر الفوضى في أرجاء المملكة.

وقال «حمد»: إن الأسرة الحاكمة السعودية ستزول خلال 12 عامًا بسبب ما يزعمه من خلافاتٍ شديدة فيما بينهم، مضيفًا أن سعود الفيصل هو مَن يدير المملكة وليس خادم الحرمين.

وتحدث في بداية التسجيل، وزير خارجية قطر السابق زاعمًا أن قطر لديها علاقة مع جميع الأطراف المعارضة للسعودية، وأنها أكبر دولة تسبّب إزعاجًا للمملكة، مضيفًا أن قناة الجزيرة تتحدّث عن المحرمات في السعودية، فيما قال «حمد»: إن «الأردن ومصر دولتان ليست لهما كرامة بسبب تنسيقهما مع السعودية».

وإلى نص المقال:

في تقديري كوني راصدًا للأوضاع الخليجية - الخليجيــة، أن تنحي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن حكم قطــــر واستبداله بابنه الشيخ تميم كان صفقة واجبة العقد مــــنذ أشهر بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة، وقطر مـــن جـــهة أخرى، لضمان الحفاظ على العلاقات ما بين الجيران - وإن في أدنى مستوياتها - بعد تسرب بعض التســـجيلات الصوتية للشـــيخ حمد بن خليفة ووزير الخارجية الشيـــخ حمد بن جاسم، يتعرضان فيها بسوء للدول الثلاث.

تنــازل الشيخ حــمـــد عــــن السلطة غير متعلق برغـــبة أمريكية غربيـــة كما أشيع، وليست له علاقة برغبة داخلية قطرية لضمـــان الانتقال الســــلس للجيل التالي من الأسرة الحاكمة، كما علّق الإعـــلام القطري. وبالطبع لا علاقة للأمر بصحة الشيخ حمد كما نشرت بعض الصحف، فالكل يعرف في هذه المنطقة أن الحاكم لا يحكم باستخدام صحته بمقدار استخدامه صحة الآخرين من حوله. كل ما في الأمر أن عربة التعاون وصلت إلى طريق مسدود، وكان لا بد من تغيير المسار!

اعتقدت الدول الثلاث أنه لا يمكن بأية حال من الأحوال العمل من جــــديد مع الشيخ حمد بن خليفة والشيخ حمد بن جاسم - بوصفهما رقمين - بعد انكشاف أمر الأشرطة، وأدرك القـــطريون أنه يستحيل ترميم علاقتهم بجيرانهم ما لم يتخلصوا من سبب الـــمشكلة، لــذلك بادروا إلى تبني عملية التــــحول الإجباري فــــي الحكــم، لكـــنهم في المقابل اشتغلوا من خـــلال إعلامـــهم على تخفيف حــــدة هـــذا الهبوط المفاجئ لطائرة القيـــادة القـــطرية، من خـــلال تمريـــر مصطلحات كبيرة من نوع «رؤيـة الشيخ الوالد الطليعية» و«نظرته الثاقبة» و«التـــجربة الجــديدة في المنطقة» و«تسليم السلطة للجيل الجديد»، وغيرها من المبررات الكلامية.

الدول الخليجية الثلاث ضغطت بقوة في تقديري لأجل التغــيير الداخلي في الأسرة، لأنها ولأسباب إستراتيجية ليـــس بمقـــدورها أن تفــــعل أكثر من ذلك، فالحفاظ على النســـيج الخليجي الواحد، والاحتفاظ بطبيعة حكم خليجية واحـــدة، يفرضان على الأسر الحاكمة الخليجية أن تتعامل مع الوضـــع القطري بحساسية مفرطة، فقطر ليست العراق أو اليمـــن أو ليبيا، إذ لا فروق جوهرية بين من يأتي ومن يذهب! الأمر مختــــلف مع قطر وبقية الدول الخليجية، إذ تتداخل الحســــابات التاريخية مع الحاضر. الخليجيون أرادوا التغيير داخليًا، وقطر خضعت لرغبتهم، لأنها لا تملك خيارًا آخر.

الأشرطة المسربة كانت عند الحكومات المعنية في ما يبدو قبل ظهورها على وسائل التواصل الاجتماعي للعامة، وهذا ما يفسر ربما تأزم علاقات هذه الدول مع قطر خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وانفراجها نسبيًا بعد تولي الشيخ تميم مقاليد الحكم.

الحكومات الخليجية عدّت الأشرطة المسربة تتويجًا لسلسلة من الإجراءات العدائية التي اتخذتها قطر ضد شقيقاتها في الجوار منذ عام 1996، وتأكيدًا صريحًا لرغبة قطـــرية صادقة في خلخلة المنطقة، لأجل تحقيق أهداف فردانية وقصيرة مدى! وكشفت صراحة عن عمل مؤسس «غير تعاوني»، يهدف إلى التشتيت والفرقة، وإن تدثر كل هذه الأعوام بمفاهيم الحرية الإعلامية والانفتاح على «الرأي والرأي الآخر»!

لكن، هل تغيّرت الحال القطرية بعد تنازل الشيخ حمد وتولي الشيخ تميم السلطة؟

واقع الحال يقول إن المناورة القطرية في استبدال الحاكم السابق بحاكم تالٍ لأجل تخفيف حدة الغضب الخليجي خوفًا من تداعياته لم تؤتِ أكلها لسبب جوهري، وهو عدم تغير السياسة الخارجية!

نعم، أقصى عن المشهد من يدعو في السر إلى نشر الفوضى في الخليج كما أذاعت الأشرطة «لم ينفها القطريون ولم يؤكدها الخليجيون حتى الآن»! لكن، ظلت السياسة القطرية على حالها، وظل الحاكم الجديد خاضعًا للسياق السياسي الذي وجد نفسه فيه، ما جعل الخليجيين من جديد يضغطون باتجاه التغيير، لكن هذه المرة بإجراء سحب السفراء فقط، إذ لا أشرطة ليبية جديدة تحوي تسجيلات جديدة للحاكم الجديد!

كثير من المؤشرات يشير إلى أن الحاكم السابق ووزير خارجيته هما اللذان يديران الأمور الخارجية في قطر، وكثير من المؤشرات يشير إلى أن الدول الخليجية باتت تعرف اليوم أكثر من أي وقت مضى أن شريكي الحكم السابقين ما زالا يمارسان مهماتهما الكاملة، إنما برصيد لا محدود من إجازتيهما السنوية، وهذا ما سيعقد الحلول في المرحلة المقبلة، ويبعد كثيرًا نقطة الالتقاء.
الجريدة الرسمية