رئيس التحرير
عصام كامل

عيش..حرية..عدالة اجتماعية..كرامة إنسانية..!


الثورة تغير..ومن المفترض أنها تغيير للأفضل ولكن.. وبعد لكن هذه أسئلة عديدة ومشاكل لا حصر لها..كانت شعارات ثورة 25 يناير..ومن بعدها 30 يونيو (عيش..حرية..عدالة اجتماعية..كرامة إنسانية ).. وللأسف لم تتحقق أي منها حتى الآن وربما الغد..وهذا ليس تشاؤمًا.. ولكنه إقرار بالحال والأحوال الراهنة وبما هو قائم وواقع للأسف الشديد.. ربما تكون الظروف تكالبت على مصر بالكثير من المشاكل والمصاعب الاقتصادية والسياسية فعرقلت تحقيق هذه المطالب أو هذه الشعارات.. ولكن الإنسان البسيط هدف هذه الثورة لم ينل من الثورة شيئًا حتى الآن غير الأعباء والمشاكل..وزيادة الأعباء على كاهله..


قد نكون قد أحرزنا نجاحًا في مجال الحرية..ولكنه نجاح محدود..نجاح منفلت حيث تحولت الحرية في نظر الكثيرين إلى فوضى وتسيب وانفلات باسم الحرية.. كل منهم يفعل ما يشاء باسم الحرية..صراخ وعويل وجعجعة باسم الحرية.. مظاهرات وإضرابات واعتصامات باسم الحرية.. رغم أن الحرية ليست مطلقة بل لها حدود.."من حقك أن تمارس حريتك لكن بشرط ألا تتعارض مع حرية الآخرين " إلا أنهم أطلقوا لحريتهم العنان حتى تحولت إلى وبال على الغالبية العظمى المطحونة والتي أصبحت لا ترى في حرية هؤلاء – المزعومة – إلا فوضى وخرابا.

أما العيش..والعدالة الاجتماعية..والكرامة الإنسانية.. فكل منها مرتبط بالآخر..فلا حياة بغير كرامة.. ولا كرامة بغير عدالة اجتماعية.. ولا عدالة اجتماعية بغير كرامة وحياة كريمة للإنسان.. إنهم السبيل للسلام الاجتماعى.. وبغيرهم..لا سلام.. ولا أمان.. بل قولوا علينا السلام.. والمؤسف أن أسباب تحقق كل منها هي نفس أسباب عدم التحقق على أرض الواقع.. مما أساء للثورتين سواء اعترفنا بذلك أو أنكرنا.. وسواء اعترفنا بالثورتين أم لا..

قامت ثورة 25 يناير.. ومسألة الأجور من أولى المطالب الشعبية.. لتحقيق هذه المطالب الثلاثة.. وإذا كان قد تم التفاوض على الحد الأدنى وتطبيقة بطرق ملتوية..وبشق الأنفس..ورغم أنه لم يصل إلى الحد الذي يضمن حياة كريمة للإنسان.. قَبلَ الناس..وارتضوا به حلًا.. من منطلق "نصف العمى".. أما مسألة الحد الأقصى فما زالت - رغم تعاقب الحكومات منذ الثورة - في طى النسيان..والكتمان..أو التجاهل..وكأنه ضربٌ من ضروب المستحيل.. ُترى ما أسباب تعثر صدور قرار أو قانون بالحد الأقصى..هل لأن المسئولين عن صدور القرار هم أول المستفيدون من عرقلة صدوره.. ورغم كل الحجج والمبررات الواهية التي يسوقها ويروج لها المسئولون والمتنفذون عن عدم تنفيذه..إلا أن خبراء الاقتصاد يؤكدون أن تطبيق الحد الأقصى حل لمشكلة تضخم بند الأجور في أي ميزانية حكومية..

أي حياة كريمة وأي كرامة وأي عدالة اجتماعية يمكن أن تتحقق في ظل تفاوت مستويات الدخول الرهيب.. وبالتالى تفاوت المستويات المعيشية.. للأسف لقد ارتددنا ومنذ سنوات طوال إلى المجتمع الطبقى أو مجتمع النصف في المئة الذي ثارت عليه ثورة يوليو في منتصف القرن الماضى.. بالله عليكم هل كنا نتقدم للخلف؟..

عندما تقتل أم ابنها في لحظة انفعال مجنونة لمجرد أنه طالب بنصيب أكبر من " العيش " فمعنى ذلك أنه لا حياة ولا عدالة ولا كرامة وما الثورة إلا هباءً منثورا..معنى ذلك أن ما يحدث على أرض الواقع ورغم كل الجهود المبذولة.. ما زال علاجًا قاصرًا.. ويُنذرُ بكارثة.. قد يقول قائل إن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد خاصة بعد الثورة قد فاقمت من حدة المشكلة..نعم نُسلم جميعًا بذلك..لكن لابد لأى مسئول أن يضع نصب عينيه كيفيه تحقيق المبادئ الثلاثة التي نادت بها الثورة ومن أجلها قامت " العيش.. العدالة الاجتماعية.. الكرامة الإنسانية " فبغيرها سيظل الخلل موجودًا وأي إصلاحات ما هي إلا " حرثٌ في البحر " بلا طائل أو نتيجة..

عندما تصبح مصلحة الغالبية من أبناء هذا الشعب هي الهدف.. عندما توجه الأنظار إلى الغالبية المطحونة والتي تحملت وعلى استعداد لتحمل المزيد من المعاناة..إذا رأت أنها أصبحت في بؤرة الاهتمام..عندها كل الحلول ممكنة..وعندها سيتحقق السلام الاجتماعى..لكن وبعد لكن هذه – مرة أخرى – الكثير من المصاعب والمشاكل في انتظارنا..وأظن – وبعض الظن إثم – أن الحلول موجودة وممكنة..
الجريدة الرسمية