سياسات خبيثة لصندوق النقد الدولي.. تعترض على إقراض مصر 4.8 مليارات دولار.. وتوافق على منح أوكرانيا 17 مليار دولار.. لطفي: أظهر ضعف الحكومة.. المهدي: القاهرة عاجزة عن الضغط على مسئولي الصندوق
اعتزام صندوق النقد الدولي منح أوكرانيا 17 مليار دولار فتح باب الانتقادات من قبل الخبراء المصريين الذين اعتبروا أن الصندوق ينفذ أجندة تابعة لأمريكا وإسرائيل، وهاتان الدولتان تعتبران رأس الأفعى التي " تبث سمومها في مصر" وتريد الوقيعة الاقتصادية للقاهرة.
وقال الخبراء إن سياسة صندوق النقد بعيدة عن المواقف المالية للدول المقرضة ويبحث الصندوق الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية تحقيق منافع سياسة للدول الصديقة لواشنطن، ولعل أوكرانيا هي من تلك الدول خاصة أنها أعلنت في وقت سابق نيتها الانضمام إلى الاتحاد الأوربى.
من جانبه، أكد الدكتور عادل المهدي الخبير الاقتصادي أن السياسات الأمريكية المعادية لثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك الذي يعتبر كنزا استراتيجيا لإسرائيل وذراعها اليمنى في المنطقة تقف عائقًا أمام حصول مصر على قرض صندوق النقد البالغ 4.8 مليارات دولار.
وقال في تصريحات لـ «فيتو» إن قيمة القرض الذي تسعى مصر للحصول عليه لا يمثل جزءا من مائة جزء من احتياجات مصر الحقيقية لكن الهدف من ورائه هو فتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية التي تسعى للحصول على ضمانات دولية لكي تتمكن من ضخ استثماراتها في مصر بالإضافة إلى الدول المانحة التي تمثل ضمانات صندوق النقد ضمانا لها ودافعا على استئناف نشاط التمويل والإقراض والدعم المتوقف منذ الإطاحة بـ"مبارك".
وتابع: إن مصر لا تمتلك وسائل الضغط التي يمكنها أن تدفع صندوق النقد الدولي إلى استئناف المفاوضات والبدء في مساندة مصر على تجاوز الأزمات المالية التي تعاني منها على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وكان صندوق النقد الدولي قد وافق أمس الأربعاء على تقديم حزمة قروض لأوكرانيا بقيمة 17 مليار دولار يتم صرفها على مدى عامين لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها على خلفية تدهور علاقتها مع شريكها الاقتصادي الأول روسيا.
السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، رئيس وحدة الشراكة المصرية الأوربية بوزارة التعاون الدولي، قال: إن صندوق النقد الدولي يحرص على ضمان أن الدول التي سيمنحها القرض قادرة في المستقبل على سداده، من خلال البرنامج الاقتصادي الذي تقدمه الدولة ويوافق عليه الصندوق، وهو ما حدث مع أوكرانيا، الذي منحها الصندوق 17 مليار دولار.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ «فيتو» أن هذا لا يمنع أن الصندوق لديه دول "على الحجر"، إذ إن قراراته مسيسة، خاصة أن دولا مثل أمريكا وأوربا تسيطر على أكبر حصص بالصندوق، وبالتالي فهم أصحاب المال، لافتا إلى أن ظروف الاقتصاد في أوكرانيا أفضل من مصر، كما أنها ترغب في الانضمام للاتحاد الأوربي.
وأضاف بيومي أن الصندوق لم يتخذ من مصر موقفا معاديا كما يتصور البعض، كما أنه لا يفرض شروطا قاسية، ولكنه يدرس إمكانية وقدرة البلد الذي سيمنحهم القرض على السداد، وبما أن في مصر عجزا بالموازنة العامة للدولة، وفي الوقت نفسه تهدر أموال كبيرة على الدعم، فنحن بحاجة لبرنامج اقتصادي يعيد هيكلة الدعم، مؤكدًا أن مصر أعلنت خلال الفترة الماضية أكثر من مرة أنها ليست بحاجة لقرض الصندوق في الوقت الحالي، خاصة بعد حصولها على مساعدة 12 مليار دولار من دول الخليج العربي، وهو ما دفعنا لإرجاء التفاوض لحين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
من جانبه، أكد الدكتور علي لطفي رئيس وزراء مصر الأسبق أن السياسات الأمريكية والهيمنة السياسية والعسكرية تفرض نفسها على كافة السياسات الدولية بما فيها سياسات صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية وهو ما يجعل توجيهات الولايات المتحدة لسياسات الصندوق المتعلقة بالإقراض تخضع لرؤيتها ومصلحتها أولا.
وقال "لطفى" في تصريحات لـ"فيتو" إن استيلاء روسيا على القرم ومحاولتها استعادة السيطرة على دويلات الاتحاد السوفييتي السابق يدفع الولايات المتحدة لدعم أوكرانيا المناوئة لسياسات "بوتين" من خلال السماح لصندوق النقد الدولي بإقراضها 17 مليار دولار لكي تتمكن من مواجهة السياسات الروسية المناوئة لها.
وأضاف أن الحكومات المصرية منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق "حسني مبارك" ضعيفة ولا يمكنها أن تجد بدائل لصندوق النقد الدولي أو الخروج من مجال الهيمنة والسيطرة الأمريكية، نافيا أن توجد شخصية قوية كشخصية الرئيس "جمال عبد الناصر" الذي تمكن من الخروج من قبضة الولايات المتحدة ومناوئتها والتخلي عن قرض صندوق النقد والاستعانة ببدائل أخرى لإنشاء "السد العالي"، وهو ما لم يتوافر لدى مصر في الوقت الحالي.