رئيس التحرير
عصام كامل

بلد الحضارة باتت "حثالة"


تمنيت أن تحمل إطلالتى الأولى على قارئ "فيتو"، الكريم بصيصا من الأمل لكننى وجدت أننا نعيش عهدا حالك السواد.
زرت بلدى آخر مرة أثناء انتخابات الرئاسة، وبالطبع لم أنتخب مرشح الإخوان لمعرفتى تاريخهم الدموى واعتمادهم المبدأ المكيافيلى "الغاية تبرر الوسيلة"، وعن قناعة اخترت الفريق شفيق لأنه "واجهة مشرفة"، ينتمى إلى عائلة "جنرلات" أصيلة جذورها ضاربة فى الأرض وليس نبتا "شيطانى"، كما انتخبته لأنه جعل لدينا مطارات "عالمية" بعد أن كانت "عشش" يتندر بها أقل شعوب العالم معرفة وتحضرا، وأعقب الانتخابات مالا يخفى على أحد وتولى رئيس منتخب وإن جاء بـ "التزوير".

زرت بلدى مرة ثانية بعد شهور ستة، وهالنى ما رأيت لأن "السمع غير الشوف"، قضيت 14 يوما من الإحباط والاكتئاب على ما آلت اليه أحوال "أم الدنيا"، ودفعنى الغضب والقهر إلى المشاركة فى المظاهرات ضد حكم "الإخوان"، فمصر المذكورة فى القرآن وبلد "الحضارة" باتت "حثالة". لن أتحدث عن الأسلوب الكارثى لإدارة البلد ولا عن حكومة فاشلة وعاجزة تقودنا إلى الهاوية، وسأكتفى اليوم بمشاهدات تعكس حجم المأساة التى نعيشها وهى "غيض من فيض".
أدركت تردى أحوال "المحروسة"، على رحلة "مصر للطيران"، حيث استقبلت الركاب وجوه مصدومة محبطة بعد أن كانت بشوشة ضاحكة وزاد من غضبها الصامت تعميم "الكاب"، على المضيفات كافة وليس المحجبات منهن فقط ضمن منهجية "أخونة" الدولة، وقد وضعته إدارة الشركة فى كتيب الطائرة لمعرفة رأى الركاب فى "شكله" وليس "فرضه" عنوة!
عند الوصول انتظرت الحقائب طويلا، رغم أن متعلقات ركاب الدرجة الأولى يستقبلها "السير" أولا، وبعد الاستفسار اكتشفت أن "سير" الحقائب يستقبل متعلقات طائرتين قادمتين من دولتين مختلفتين فى الوقت نفسه، لماذا الفوضى والتأخير وهناك أكثر من "سير" غير مستخدم؟! ...لا أحد يجيب لأن الفوضى والارتباك عنوان المرحلة.
فى المناطق الشهيرة بالقاهرة، أتت بضائع الباعة على الرصيف وتعدته إلى الشارع ومن يتأفف أو يدلى بوجهة نظر مخالفة ينهمر عليه سيل من الشتائم والبذاءة... وفى المصالح الحكومية يتصرف المنتمين للجماعة المحظورة بعنجهية وصلف وكأنهم "أسياد" البلد وبقية الشعب "رعاع" ومن يعترض على التجاوزات من المراجعين يواجه بالويل والثبور وعظائم الأمور.
فى المحال التجارية أصبح النصب والتحايل سمة، وارتفاع الأسعار فى ظل البطالة والكساد "حدث ولا حرج"، وفى الشوارع زادت أعداد المتسولين وقاطنى الأرصفة ما يعكس حالة البؤس والفقر المدقع، كما ارتفعت أكوام القمامة وعبق الجو بروائح كريهة تنذر بكارثة صحية.
ومن المشاهدات التى لا تخطئها العين، شابات متعلمات فى عمر الزهور عجزت الدولة عن استيعابهن، ولم يجدن وسيلة للعيش سوى البيع فى مترو الأنفاق، حيث بتن عرضة ومعهن "حرائر" مصر للتحرش حتى فى العربات المخصصة للنساء!.. وفى المظاهرات والاعتصامات يتكرر التحرش بالنساء لفظا ولمسا وتقطيع ثياب، أما الشباب والرجال فالسحل والتجريد من الملابس والقتل بانتظاره، إذ تحولنا مع الانفلات إلى شريعة الغاب.
قبل أن يقتلنى القهر على بلدى الحبيب، ذهبت إلى جنوب سيناء وهناك وجدت الحال أسوأ بمراحل، وسمعت حكايات يشيب لها الولدان، والخلاصة أن التحايل بلا سقف لبيع الأراضى لإخوان غزة "حماس"، تمهيدا لتوطينهم فى الأرض التى تحررت بدماء المصريين، ومع ما يعانيه أبناء سيناء الحبيبة من أوضاع سيئة وسيطرة الإرهابيين الذين وجدوا فى طرقها الوعرة ملاذا آمنا، باتت أرضنا مرتعا لمهربى وعصابات "حماس" تسرح وتمرح، تسرق وتهرب من "الإبرة إلى الصاروخ" عبر الأنفاق التى أوقف الرئيس مرسى ردمها ليكمل ثراء وانتفاخ كروش "الأهل والعشيرة" من الحمساوية وليمت الشعب المصرى جوعا وكمدا بعد أشهر معدودة من حكم "غشيم" تسبب فى تراجع قيمة الجنيه المصرى لمستوى غير مسبوق، وانهيار اقتصادى وخفض تصنيف "أم الدنيا" إلى الدولة الفاشلة، وبعد كل الخراب الحاصل يستنكرون وزبانيتهم ثورة الشعب ضد الحكم المشئوم.
الجريدة الرسمية