التوافق والتكيف عند المصريين
في الحياة المصرية هناك فرق كبير جدًا بين توافق المصرين مع ظروف حياتهم الصعبة وتكيفهم من أجل التغلب على تلك الظروف لتحسين المعيشة. فالتوافق adujustment هو عدم إمكانية تغير المناخ العام السىء المحيط بالمواطن وعلى المواطن أن يوفق أموره على هذه الظروف كما يشرب الإنسان الماء الملوث دفاعًا عن العطش فقط وهو يعلم هلاكة على المدى القريب أو البعيد ومع الإعتياد على هذا ينسى ماقد يؤدى إلى هلاكه بفعل ممارسات خاطئة توافق عليها رغمًا عنه. أو كما تُسد وتمتلىء بالوعة في الشارع وتُغرقه فيتوافق الناس على المرور بوضع أحجار للتنقل عليها حتى لاتتسخ ملابسهم ومع مرور الوقت سيتعودون على رائحتها الكريهة وتصبح لاتؤذيهم.أما التكيف adaptation هو أن الإنسان يحاول أن يطوع البيئة لخدمته ولصالحه أو يغير من سلوكه وعاداته الخاطئة التي بدورها تؤدى إلى إفساد البيئة التي بالطبع تعود عليه بالضرر كأنه كما في المثال السابق يقوم بإصلاح البالوعة ورصف الطريق وزراعة الأشجار لتجديد الهواء العام.
إن حياة المصرين مليئة بالتوافقات المميتة ونراهم يخرجون ويهللون ويتظاهرون من أجل الحياة فنحن نفعل كل دقيقة بممارساتنا الخاطئة في كل المجالات مايهلكنا ونعتقد أننا نصنع الحياة لنا ولأحفادنا ونحن نحفر قبورهم بأيدينا.
لابد للرئيس القادم إذا أراد لمصر وللمصريين الخير فلابد أولًا أن يشرك كل المصريين بجيمع طوائفهم في معرفة حقيقة مرضهم فكلنا مرضى ولكن تعودنا على المرض وتوافقنا معه بمسكنات فأصبح المرض جزءا من حياتنا لا نشكو منه وشكوانا ومناداتنا بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية هي نتائج لابد من الحصول عليها ولكن بتناول ودراسة معطياتها جيدًا والتعرف على المعوقات التي تحول بيننا وبين تحقيقها.
لابد أن نعلم أن الفساد نحن الشعب شركاء فيه ولكننا لا نشعر وأنا لا أقصد إصلاح الضمائر فلا يوجد دولة متقدمة تعتمد في تقدمها على ضمائر البشر فالضمائر وجهات نظر ولكن هي الأيدولوجيات العامة والإستراتيجيات التي يجب أن تندرح تحتها وتدور في نفس الفلك مع إشراك الشعب ووضعهم أمام مشاكلهم الحقيقية وإعادة جهازهم الحسى للعمل لكى يشكو منها ويكون الشعب والحكومة يعملون سويًا من أجل نهضة مصر.
فمثلًا الباعة الجائلون واحتلالهم الأرصفة وسرقتهم للتيار الكهربائى وتعطلهم للمرور حتى أصبحوا دولة أخرى داخل مصر والتغير والتطوير في الجهاز الإدارى في الدولة ووضع خطة لتحسينه وكذلك تطوير أقسام الشرطة وعربيات نقل المتهمين وحجرات الحجز داخل الأقسام وأهم من هذا كله الغذاء الآمن من بداية زراعته والتخلص من متبقيات المبيدات القاتلة حتى تداوله وغسيله بالبرك والمستنقعات حتى وصوله للباعة الجائلين وتعاملهم مع الأغذية بطريقة تؤدى إلى زيادة تلوثه مع العلم أننا نزرع ونصدر أجود الفاكهة والخضار الخالية من متبقيات المبيدات إلى جميع دول أوربا وأمريكا فكيف يشعر المواطن أنه يُعامل من قبل أهله وحكومته كما تتعامل هي نفسها مع دول الخارج فكيف نصدر الحياة وندخر لأنفسنا الموت.
فهل سنظل نتوافق على ما نحن فيه أم أن الأوان قد آن لكى نستيقظ من ثباتنا ونعاسنا ونطرح المشكلة ونصرخ منها ونبحث لها عن حلول حتى نتكيف وكفانا توافق فنحن نريد الحياة للأجيال القادمة فقد عشنا الموت كثيرًا فهل آن الأوان أن يحيي أحفادنا الحياة وإن لم يتم البناء من القاعدة أي من الأحياء العشوائية الفقيرة ونحارب الفقر في مكمنه فلا تنتظروا النهضة ولا الخير ولك الله يا مصر.