رئيس التحرير
عصام كامل

ملاذ الشرفاء


حرص الإعلان العالمى لحقوق الإنسان على تأكيد حق كل شخص فى اللجوء إلى القضاء لاسترداد حقوقه وتحولت مصر من نظام القضاء الموحد إلى نظام القضاء المزدوج تدريجيًا ابتداء من سنة ١٩٤٦ حين صدر قانون إنشاء مجلس الدولة ونص على اختصاصه وحده دون غيره ببعض القضايا الإدارية كما جعله مختصًا بالاشتراك مع القضاء العادى فى قضايا أخرى وتوالت القوانين المنظمة لمجلس الدولة توسع اختصاصاته، وتنظم أجهزته إلى أن أصبح صاحب الاختصاص العام بالمنازعات الإدارية ليشمل قضايا متنوعة وعديدة، طالما أن المتقاضى يُنازع الإدارة بصفتها سلطة عامة أو مرفقًا عامًا مما يستدعى تطبيق قواعد مخالفة للتقنين.

العبء على مجلس الدولة كبير إذ أصبح ملاذًا للمواطنين الشرفاء وتتزايد القضايا المعروضة على مجلس الدولة بسبب تزايد عدد السكان وزيادة الوعى بالحقوق والحريات وامتداد العمران إلى مناطق جديدة على سواحل البحر المتوسط والبحر الأحمر والمدن الجديدة وزيادة الاستثمار فى كافة المجالات.

عندما يلجأ المتقاضى إلى مجلس الدولة، فالمفترض أنه أمام خصم شريف، ولكن الإدارة لديها أجهزة قانونية وإدارية وغاية من التشريعات واللوائح والمنشورات ولذا يفكر المتقاضى كثيرًا قبل الإقدام على هذه الرحلة ويحسب احتمالات الكسب والخسارة اقتصاديًا وقانونيًا ويفكر فى أتعاب المحاماة وإعداد المستندات والمعاناة النفسية، وهو ما يسمى بالاستهلاك البشرى، وأخيرًا يفكر فى تنفيذ الحكم.

العدالة البطيئة ظلم وأمام المحاكم المدنية تتوارث الأجيال القضايا غير أن مجلس الدولة كان إلى وقت قريب قضاءٌ سريعٌ نسبيًا إلى أن حدثت التطورات التى أشرنا إليها والتى أدت إلى جعل التقاضى أمام مجلس الدولة يستغرق سنوات للحصول على حكم نهائى.

عنصر الزمن هو تكلفة اقتصادية لأن الوقت كما يقول الاقتصاديون هو أغلى وأندر الأموال والحصول على تعويض بعد فترة طويلة يوقع ظلمًا إذا أخذنا فى الاعتبار تدهور قيمة العملة.

 

الجريدة الرسمية