رئيس التحرير
عصام كامل

الزهور والعبادات في اليابان


ارتبطت الزهور في اليابان بأداء العبادات وتقديم القرابين للآلهة، وكتبت مجلة "نيبونيكا" الصادرة عن وزارة الخارجية اليابانية في عددها الثاني (العيش مع الزهور) موضوعًا تحت عنوان: "اليابانيون والزهور" تقول فيه:


في الاحتفالات المخصصة للآلهة نجد -دائمًا- أن هناك دورا معينا تلعبه الزهور والأشجار، مثال على ذلك عادة زخرفة المنازل بوضع ديكور "كادوماتسو" عند مدخل المنزل خلال عيد رأس السنة الجديدة، وهو ديكور من أفرع وأوراق شجر الصنوبر والبامبو، والمقصود بهذه الزخرفة الترحيب بالإله الذي يهبط من السماء ويكون لحضوره أثر إيجابي طوال العام الجديد، والاعتقاد السائد هو أن الآلهة التي تزور المنزل خلال عيد رأس السنة هي آلهة تترأس الجبال وتنزل من عليائها لتصبح آلهة حقول الأرز، وأن الأرواح المقدسة تظهر من الأشجار المقدسة دائمة الخضرة مثل الصنوبر وشجر "ساساكي" الياباني.

وتستخدم الزهور في احتفالات المعابد في مختلف أنحاء البلاد خلال فصل الربيع بهدف تهدئة الأرواح الشريرة التي قد تتسبب في إحداث أوبئة مريعة، ففي مهرجان التودد والتهدئة بمعبد إيماميا بمدينة كيوتو نجد الراقصين يطردون الأرواح الشريرة وهم يرتدون قبعات مزينة بفروع من أشجار الصنوبر الصغيرة وشجر الصفصاف الباكي وزهور مثل الكاميليا وأزهار اليانسون الياباني، وكان الاعتقاد -قديمًا- هو أن هذه الأشياء لها قدرة سحرية على طرد الشياطين التي جاءت لتنشر الأمراض، وهناك صلة وثيقة بين هذا الاعتقاد القديم واستخدام الزهور وفروع الأشجار دائمة الخضرة، ولا زالت العادات المرتطبة بذلك موجودة -حتى الآن- في احتفالات مختلفة نراها طوال العام.

والديانة البوذية -أيضًا- لها تأثير في ذلك، فبعد إدخال البوذية اليابان في القرن السادس بدأ اليابانيون يقدمون الزهور في أوان قربانًا لبوذا ويتم نثر وريقات الزهور وأيضًا الزهور الصناعية تعبيرًا عن احترام اليابانيين للإله بوذا.

وحتى اليوم نجد في معبد ياكوشيجي بمدينة نارا أن هناك عشرة أنواع من الزهور الصناعية تزخرف المعبد من الداخل خلال حفل "شونييه" وهي: البرقوق الياباني، الخوخ، الكرز، الكاميليا، الزنبق، الويستريا اليابانية أو "فوجي"، السوسن، زهرة "يامابوكي"، الفاوانيا، والإقحوان، مع ازدهار البوذية أصبح من المعتاد في بيوت الناس العاديين أن يقدموا الزهور في أي وقت من اليوم.

وأدت عادة تنسيق الزهور توقيرًا للإله بوذا إلى ولادة عادة فنية جديدة وهي تنسيق الزهور للإعجاب بها، وبمرور الوقت تطورت أساليب وتقنيات تنسيق الزهور.
الجريدة الرسمية