النقاش والجدال
هناك فرق بين النقاش والجدال، وهو ما نراه فى هذه الأيام محتدم بين الناس.. النقاش هو الشىء المحمود والهدف السامى الذى يدفع كل طرف لأن يعرض وجهة نظره تجاه قضية معينة والبحث فى الوصول إلى ما يعظم الإيجابيات ويدنى السلبيات، هذا النقاش يعطى الكثير من التفسيرات وإظهار الحقائق المختلفة وفيه يؤمن كل طرف من الأطراف أنه يمكن تغيير وجهة نظره بمجرد أن توجد الدلائل.
أما الجدال فهو عدم القدرة على إيجاد هدف يجمع الأفراد على محطة وصول واحدة وعدم القدرة على الاتصال فيما بينهم، علاوة على عدم القدرة على تقبل فكرة تعديل وجهات النظر.. ففيه يكون كل طرف مصر على وجهة نظره دون اعتبار للدلائل إما لضعف الثقة أو لأنه لا يمكنه التنازل أو لأنه لا يفهم فى الأساس ما يقصده الطرف الآخر ولذلك يصر كل طرف على إقناع الآخر بأنه على حق والآخر على باطل.
وعادة يبدأ الطرفان النقاش إلا أنه فى مرحلة معينة يتحول هذا النقاش إلى جدال، وقد يتطور الأمر لارتفاع درجة حرارة الحديث لفشل الاتصال بين الطرفين وفيه يشعران أن الكلمات والرسائل الصادرة إلى الآخر لا يتم استقبالها أو لم يتم إدراكها ثم تزداد حدة الموقف وقد تتطور إلى أعمال عدائية من هجوم لفظى وقد تصل إلى هجوم بدنى.
لابد أن نعى المرحلة التى تتطور فيها الأمور قبل ان ننزلق فى دوامة الجدال الذى يفسد ما بيننا وما بين الآخرين، وهى المرحلة التى يصل فيها النقاش إلى نقطة مسدودة ويقوم الطرف الآخر بإعادة كلماته مرة أخرى ولكن بصوت مرتفع، والتأكيد على المواقف دون اعتبار للآخرين هنا لابد من التوقف دون الثأر لوجهة نظرك ولتنصت وتأخذ بإيجابية بزمام الحديث للتأكيد على الهدف المشترك الذى يجمع الطرفين والسبب فى هذا النقاش وأن تعيد صياغة وجهة نظرك والتأكيد على نقاط الاتفاق متخذا منها بداية أخرى للحديث ثم محاولة الظهور بالموافقة على وجهة نظره ولكن تبدأ فى توجيه الأسئلة المترابطة التى تشكك الطرف الآخر فى القواعد التى أقام عليها وجهة نظره دون إعطاء رفض ودون استهزاء واطلب تفسيرات ولو توفرت التحليلات قم بدعم موقفك بأوراق ومستندات مفيدة.
عليك بألا تخسر إنسانا من أجل جدل عقيم، فنتائج الخسارة الناتجة عن الجدال كبيرة ولأن الإنسان أفكاره هى جزء لا يتجزأ من شخصيته وطالما اعتنقها أصبح هو وهى وجهان لشخص واحد.. فإذا هاجمت أنت أفكاره فقد هاجمته شخصيا ولهذا سيقوم بالدفاع عن نفسه ووجوده باعتبار أن الهجوم على الأفكار هو هجوم على ذاته الحقيقية ووجوده. ابعد عن إعطاء الأوامر فى النقاش أو إعطاء الإملاءات واترك له حرية الاختيار.
كن دائما من المحايدين ولا تتصرف تبعا لأهوائك وراقب حركاتك وانفعالاتك الشخصية التى تلاحظ دائما فهى الأقوى تأثيرا عن الكلمات وإذا تم مراعاة ذلك وتم الانزلاق للجدال اطلب مقابلة أخرى لعمل البحث وإعادة النقاش مرة أخرى مع محاولة إيجاد أهداف تجمع ولا تفرق وتحيد الاختلافات.