رئيس التحرير
عصام كامل

الصعيد المنسي.. و"الطبطبة" !!


• ما حدث في أسوان بين عائلتين كارثة مفجعة أوجعت ضمير مصر.. فالضحايا 28 قتيلًا والمصابون بالعشرات.. ناهيك عن استغلال الحادث بأسوأ الصور في الميديا العالمية لتشويه مصر وتصويرها بالمضطربة العاجزة عن حماية أبنائها الذين حملت جثثهم على "عربات الكارو" في غياب للآدمية والدولة وحقوق الموتى.. أين كانت الحكومة.. أين كانت أجهزة الأمن ومرفق الإسعاف.. كيف غفلت عيون الدولة عن بوادر الفتنة.. لماذا لم تبادر بإطفائها في المهد.. كيف سمحت للمتآمرين بالداخل والخارج بإشعال حرب أهلية في أهدأ مناطق الصعيد وأكثرها تسامحًا ونبلًا.. من أحيا خلافات ثأرية أو عرقية قبلية قديمة.. من كتب عبارات مسيئة على جدران مدرسة للعائلتين المتناحرتين معًا.. لصالح من كسر إرادة 30 يونيو.. هل كانت الحكومة على قدر المسئولية.. أم تجاوزتها الأحداث كالعادة وأعيتها الحيل وغاب عنها الرشد السياسي والحسم الأمني وتطبيق القانون بقوة..؟!


• إن ما حدث يؤكد أننا إزاء دولة رخوة لا تزال ترى الحل في "الطبطبة " وتطييب الخواطر دون عقاب الجناة وتطبيق القانون على أرضية المواطنة على أبنائها كافة أيا ما تكن انتماءاتهم أو ألوانهم.

• حادث أسوان عمق شرخًا كبيرًا في بنيان الوطن، وأظهر بوضوح ما وصلنا إليه من اضطراب واهتزاز وغياب للقانون والدولة.. وهو ما يتحمل مسئوليته جميع الأطرف دون تبرئة لأحد.. ففي الوقت الذي نترقب استكمال خارطة الطريق، وإنجاز انتخابات الرئاسة ليعود الاستقرار والإنتاج، ونخرج من عنق الزجاجة ومن عنف الإخوان في الشارع والجامعات إذا بنا نعود خطوات للوراء، وتصبح مصر مادة منفرة في الميديا العالمية التي تناقلت صورًا لجثث الموتى محمولة فوق عربة الكارو لتعطي رسالة سلبية عن انعدام الأمن في أهم منطقة سياحية بالعالم.. وهو ما يسهم في تخريب الاقتصاد وانتكاسة جهود جذب الاستثمارات والسائحين التي يبذلها الجانب المضيء من هذه الدولة.

• ينبغي ألا تمر نكبة أسوان دون عقاب للجناة الأصليين ومن ساعدوا على تفاقمها، ولا يجوز الاكتفاء بإقالة المقصرين من المسئولين دون عقاب حتى لا تتكرر مآسي الإهمال والقصور في دولاب الدولة الذي لا يزال يعاني اختراقًا واضحًا و"أخونة" تتجلي صورها فيما يداهمنا من كوارث وأزمات بين الحين والآخر مثلما هى الحال في جامعاتنا التي دارت فيها آلة الأخونة بلا هوادة، حتى أن بعض الأساتذة يحرضون الطلاب على العنف بل يحملون إليهم أدواته إلى داخل الحرم الجامعي.. ولم نسمع لوزير التعليم العالى الجديد صوتًا، ولم نر له موقفًا واضحًا مما يجري.. ولماذا العنف في الجامعات الحكومية بالذات وليس الخاصة.. وما دور رؤساء الجامعات فيما يحاك ضد ثورة 30 يونيو؟!

• ما يجرى في بؤر التوتر والعنف بطول البلاد وعرضها لا يؤثر على الحاضر فحسب بل يمتد أثره المدمر للمستقبل أيضًا.. وجاءت أحداث أسوان كاشفة لما يحاك ضد الدولة من آلة الشر التي تعمل بكفاءة بالتنسيق بين إخوان وأجهزة مخابرات دول معادية؛ فثمة طرف ثالث يلعب على مشاعر الفقراء والمهمشين، ويذكي نار العصبية خصوصًا في الصعيد كما ذكى نار الفتنة الطائفية طيلة الفترة الماضية..؟!

• ويبدو الصعيد -بالذات- مرشحًا للتصاعد إذا لم تعمل الدولة بكفاءة لمحاصرة المرض، فالفقر في أعلي معدلاته.. والبطالة كاسحة ( 75% ) بعد تراجع النشاط السياحي بأسوان طبقًا لرئيس غرفتها التجارية.. والقمع أو التعامل الأمني وحده لا يكفي للقضاء على الإرهاب، بل يقدم ذريعة لاستمراره والعدل وحده كفيل بردع الخارجين على القانون.. والتنمية الحقيقية المستدامة فريضة واجبة لكل أطراف الدولة، ونشر الوعي والتعليم يرفعان درجات الشعور بالمسئولية لدى المواطن وأداء الواجب المستحق تجاه الحفاظ على الدولة.. وللموضوع بقية..
الجريدة الرسمية