ابراهيم الصياد: "الفقى" و"المناوى" أسقطا مبارك بـ "غباء سياسى"
أسرار كثيرة لا تزال تحيط بتنحى مبارك، فلا نعلم حتى الآن من وراء تنحى مبارك، هل الإعلام أم رجاله المقربون؟ الجيش أم الميدان؟ لماذا لم يلق مبارك خطاب التنحى بنفسه ولماذا كلف نائبه بهذه المهمة؟
خيوط كثيرة متشابكة وغامضة قد تكشف الأيام عنها النقاب، هذا الحوار مع إبراهيم الصياد، رئيس قطاع الأخبار الحالى، ربما يجيب عن بعض الأسرار...
ماذا كان حال القطاع قبل تنحى مبارك وبعدها وهل كنتم فى انتظار هذه اللحظة؟
كان حال الجميع داخل القطاع غاية فى السوء، فعلى مدى أربعة أيام قبل التنحى لم ينم أحد فى ماسبيرو، كنا وكل البرامجيين نبيت داخل القطاع ليلا ونهارا، وكنا نذهب لبيوتنا لتغيير ملابسنا فقط ونعود، وكنا نخشى على زميلاتنا الإعلاميات أثناء ذهابهن إلى منازلهن من أخطار الطريق والانفلات الأمنى، كنا نستشعر جميعا أن لدينا واجبا علينا تقديمه فى أخطر مرحلة تمر بها مصر، كنا نقسم البرامجيين إلى مجموعتين، وورديات للعمل 24 ساعة حتى يكون هناك كنترول على كل ما يحدث لحظة بلحظة، فلم نكن ننام، كنا متعبين ومهددين باقتحام المتظاهرين للمبنى، كنا محاصرين من الخارج بالمتظاهرين، ومن الداخل بالأحدث السريعة المتلاحقة التى نتابعها لحظة بلحظة، ونحن لم نتوقع أن هناك تنحية ولكن كنا نستشعر أن هناك فى كل يوم تصعيداً للموقف.
وماذا كان شعور العاملين فى القطاع لحظة سماع قرار التنحى؟
هناك من شعر بالفرحة الشديدة، وآخرون أصابهم الحزن الشديد، وأخذوا يبكون بكاء حاراً، وكان المناوى على رأس من ظهر عليه حالة الحزن الشديد، أما أنا وفريق المذيعين فقد كنا فى حالة إعياء شديدة، وكانت لحظة التنحى تعنى الإفراج عنا من الأسر الذى وقعنا فيه، وكان فرحنا الأكثر بالعودة إلى منازلنا سالمين كى نأخذ قسطا من الراحة بعد أيام عذاب طويلة، ولكننا لم نرحل إلا فى صباح يوم السبت، حتى نتعايش ونشارك الشعب فرحته بالتنحى، وتقديم التهنئة للشعب المصرى بثورته العظيمة التى قادها الشباب، وقدمنا التحية لقواتنا المسلحة لدورها العظيم فى حماية الثورة وحفظ الوطن والمواطنين، وتعهدنا منذ تلك اللحظة أن نكون أكثر حرصاً على المهنية.
عبد اللطيف المناوى كان فى تلك الفترة وحتى آخر لحظة قبل التنحى، كان مرتبطا ومحكوما بالسياسة القديمة، وهى سياسة التبعية للنظام، وكنت نائبا له، ومعنى بكل ما يدور داخل ماسبيرو، ونظرا لتبعية القطاع بصفة خاصة والإعلام بصفة عامة للنظام الحاكم، فكان المناوى لا يقبل أى تعليق أو نصيحة من أى شخص مادام رأيه يتعارض مع مصلحة النظام الحاكم.
وأستطيع أن اقول إن المناوى هو المسئول الوحيد عن التغطية الإعلامية للثورة فى أيامها الأولى، وهو من طلب إيقاف بث كل البرامج، وضمها فى إرسال موحد بغرض إحكام السيطرة على الخطاب الإعلامى، ليتوافق مع توجيهات أجهزة سيادية.
مانوعية البرامج التى كانت تذاع فى الساعات الأخيرة قبل التنحى؟
لم يكن هناك أى برامج تقدم فى تلك الفترة بالمعنى المفهوم، ولكن كانت هناك فترة مفتوحة لمدة أكثر من 10 ساعات، فكانت الشاشة مسلطة على ميدان عبد المنعم رياض وكورنيش النيل، وقد كانت هناك مذيعة ظلت 10 ساعات متواصلة على شاشة قطاع الأخبار، الذى انضمت إليه كل قنوات التليفزيون، ولم يكن هناك أى برامج على الهواء مباشرة.
ماذا عن قصة شريط التنحى؟ وهل تدخل قطاع الأخبار بالمونتاج؟
دخل شريط التنحى إلى ماسبيرو بصحبة اللواء إسماعيل عتمان، عضو المجلس العسكرى، الذى كان يحمله من قصر الرئاسة، وقد سجلوا هذا الشريط بمعرفتهم بدون الاستعانة بنا للحفاظ على السرية الشديدة وكان هناك تخوف من تعذر وصوله إلى المبنى فى الوقت المناسب، وقد دخل عتمان بالشريط إلى قطاع الأخبار ورفض تسليمه للمناوى يدا بيد، ولكن اصطحبه حتى دخلا ستديو الأخبار معا، وأخرج اللواء عتمان الشريط وسلمه لرئيس الاستديو، ولم ينصرف عتمان إلا بعد أن ضمن أن الشريط قد تم بثه على الهواء لكل العالم، وكان المناوى والكثير من المحيطين به فى حزن شديد، وكان الوزير آنذاك خارج المبنى، ربما خشى من رد فعل المتظاهرين أو العاملين بماسبيرو أن يحدث منهم أى تجاوزات، ولكن المونتاج حدث للمقدمة التى سبقت قرار التنحى، فقد تم إعادتها عدة مرات مع المذيعة رشا مجدى، حتى تتناسب المقدمة مع قوة الحدث.
لقد كنا آنذاك مجرد منفذين للأوامر، ولم أكن صاحب قرار، فكان الوزير ورئيس القطاع هما أصحاب القرار، ومن يوجهان ويختاران المواد التى يتم إذاعتها، وكان أغلبها مواد مسجلة وممنتجة، واقتصر دورنا على إذاعة مختارات الوزير والمناوى .
هل ساهم إعلام الدولة فى تضليل الرئيس السابق؟
بالفعل ساهم، فقد كان بعض رجال الرئيس يضللونه، منهم بالتأكيد وزير الإعلام والمناوى، اللذان كانا يتعمدان إخباره بأخبار غير حقيقية، وهذا كان جزء من الخداع الاستراتيجى الذى تم ممارسته على الرئيس السابق، حتى لا يعلم حقيقة الأمور, وهذا ما يفسر بطئه فى اتخاذ القرارت حتى يوم التنحى، وهذا ما عجل بنهايته، أى أن من حوله اتسموا بالغباء السياسى كالدبة التى قتلت صاحبها.
هل تم مونتاج لبعض أحاديث الرئيس السابق قبل فترة التنحى؟
نعم، وكان هذا واضحا للجميع، فقد قام مبارك بتوجيه العديد من الكلمات الحاسمة، وأعتقد أن كلمات مبارك الكاملة كان يتم حجبها عن الجمهور، وكان لابد من ظهور الصورة كاملة.
ما الفرق بين قطاع الأخبار فى عهدك وفى عهد المناوى؟
فى عهد المناوى كان الجميع يعلمون أن الإعلام كان خاضعا للنظام السياسى بالدولة، وكل شىء يخضع لمن هو أعلى منك فى السلطة، فلم يكن أحد فى فترة النظام السابق يستطيع اتخاذ أى قرار منفردا، أما الآن فكل شخص مسئول عن مكانه، فرئيس "راديو مصر" مسئول عن "راديو مصر"، وليس لى سلطة على ما يقدمه، ولا أستطيع منع إذاعة حدث فعلى يقع فى أى مكان وأصدر قرارا بعدم إذاعته لصالح سياسة أو سلطة ما تفرض على.
هل لا يزال إعلام الدولة كما كان فى عهد النظام السابق؟
على العكس، فى الفترة الماضية كان لابد أن تأخذ موافقة الجهة الأعلى أولا، سواء كان الرئاسة أو غيرها، أما الآلية التى نعمل بها الآن فهى أن كل مسئول فى مكانه، بشرط إذاعة الخبر حسب أهميته، ولا تجعل أى حدث يفوتك، ورئيس قطاع الأخبار الآن ليس وظيفته تنفيذ القرار، إنما رسم سياسة، فأنا أضع المعايير وأترك لرئيس التحرير سلطة اتخاذ القرار وتنفيذه بشأن التغطية.
أحلت بعض الإعلاميين للتحقيق ومنهم بثينة كامل لمجرد أنها علقت على خبر؟
وظيفتنا كإعلاميين هو نقل الخبر وليس التعليق عليه، فلابد أن أكون جهة محايدة وإلا فقدت مهنيتى الإعلامية، والحرفية أن تأتى بضيوف لهم آراء مختلفة ونعطيهم فرصة الظهور بنفس الدرجة، وهنا تتدخل الخبرة، وهذا ما تقع فيه القنوات الأخرى التى تصب اهتمامها على الرأى وليس على الخبر، وهذا ليس بالمهنية الإعلامية.
خيوط كثيرة متشابكة وغامضة قد تكشف الأيام عنها النقاب، هذا الحوار مع إبراهيم الصياد، رئيس قطاع الأخبار الحالى، ربما يجيب عن بعض الأسرار...
ماذا كان حال القطاع قبل تنحى مبارك وبعدها وهل كنتم فى انتظار هذه اللحظة؟
كان حال الجميع داخل القطاع غاية فى السوء، فعلى مدى أربعة أيام قبل التنحى لم ينم أحد فى ماسبيرو، كنا وكل البرامجيين نبيت داخل القطاع ليلا ونهارا، وكنا نذهب لبيوتنا لتغيير ملابسنا فقط ونعود، وكنا نخشى على زميلاتنا الإعلاميات أثناء ذهابهن إلى منازلهن من أخطار الطريق والانفلات الأمنى، كنا نستشعر جميعا أن لدينا واجبا علينا تقديمه فى أخطر مرحلة تمر بها مصر، كنا نقسم البرامجيين إلى مجموعتين، وورديات للعمل 24 ساعة حتى يكون هناك كنترول على كل ما يحدث لحظة بلحظة، فلم نكن ننام، كنا متعبين ومهددين باقتحام المتظاهرين للمبنى، كنا محاصرين من الخارج بالمتظاهرين، ومن الداخل بالأحدث السريعة المتلاحقة التى نتابعها لحظة بلحظة، ونحن لم نتوقع أن هناك تنحية ولكن كنا نستشعر أن هناك فى كل يوم تصعيداً للموقف.
وماذا كان شعور العاملين فى القطاع لحظة سماع قرار التنحى؟
هناك من شعر بالفرحة الشديدة، وآخرون أصابهم الحزن الشديد، وأخذوا يبكون بكاء حاراً، وكان المناوى على رأس من ظهر عليه حالة الحزن الشديد، أما أنا وفريق المذيعين فقد كنا فى حالة إعياء شديدة، وكانت لحظة التنحى تعنى الإفراج عنا من الأسر الذى وقعنا فيه، وكان فرحنا الأكثر بالعودة إلى منازلنا سالمين كى نأخذ قسطا من الراحة بعد أيام عذاب طويلة، ولكننا لم نرحل إلا فى صباح يوم السبت، حتى نتعايش ونشارك الشعب فرحته بالتنحى، وتقديم التهنئة للشعب المصرى بثورته العظيمة التى قادها الشباب، وقدمنا التحية لقواتنا المسلحة لدورها العظيم فى حماية الثورة وحفظ الوطن والمواطنين، وتعهدنا منذ تلك اللحظة أن نكون أكثر حرصاً على المهنية.
عبد اللطيف المناوى كان فى تلك الفترة وحتى آخر لحظة قبل التنحى، كان مرتبطا ومحكوما بالسياسة القديمة، وهى سياسة التبعية للنظام، وكنت نائبا له، ومعنى بكل ما يدور داخل ماسبيرو، ونظرا لتبعية القطاع بصفة خاصة والإعلام بصفة عامة للنظام الحاكم، فكان المناوى لا يقبل أى تعليق أو نصيحة من أى شخص مادام رأيه يتعارض مع مصلحة النظام الحاكم.
وأستطيع أن اقول إن المناوى هو المسئول الوحيد عن التغطية الإعلامية للثورة فى أيامها الأولى، وهو من طلب إيقاف بث كل البرامج، وضمها فى إرسال موحد بغرض إحكام السيطرة على الخطاب الإعلامى، ليتوافق مع توجيهات أجهزة سيادية.
مانوعية البرامج التى كانت تذاع فى الساعات الأخيرة قبل التنحى؟
لم يكن هناك أى برامج تقدم فى تلك الفترة بالمعنى المفهوم، ولكن كانت هناك فترة مفتوحة لمدة أكثر من 10 ساعات، فكانت الشاشة مسلطة على ميدان عبد المنعم رياض وكورنيش النيل، وقد كانت هناك مذيعة ظلت 10 ساعات متواصلة على شاشة قطاع الأخبار، الذى انضمت إليه كل قنوات التليفزيون، ولم يكن هناك أى برامج على الهواء مباشرة.
ماذا عن قصة شريط التنحى؟ وهل تدخل قطاع الأخبار بالمونتاج؟
دخل شريط التنحى إلى ماسبيرو بصحبة اللواء إسماعيل عتمان، عضو المجلس العسكرى، الذى كان يحمله من قصر الرئاسة، وقد سجلوا هذا الشريط بمعرفتهم بدون الاستعانة بنا للحفاظ على السرية الشديدة وكان هناك تخوف من تعذر وصوله إلى المبنى فى الوقت المناسب، وقد دخل عتمان بالشريط إلى قطاع الأخبار ورفض تسليمه للمناوى يدا بيد، ولكن اصطحبه حتى دخلا ستديو الأخبار معا، وأخرج اللواء عتمان الشريط وسلمه لرئيس الاستديو، ولم ينصرف عتمان إلا بعد أن ضمن أن الشريط قد تم بثه على الهواء لكل العالم، وكان المناوى والكثير من المحيطين به فى حزن شديد، وكان الوزير آنذاك خارج المبنى، ربما خشى من رد فعل المتظاهرين أو العاملين بماسبيرو أن يحدث منهم أى تجاوزات، ولكن المونتاج حدث للمقدمة التى سبقت قرار التنحى، فقد تم إعادتها عدة مرات مع المذيعة رشا مجدى، حتى تتناسب المقدمة مع قوة الحدث.
لقد كنا آنذاك مجرد منفذين للأوامر، ولم أكن صاحب قرار، فكان الوزير ورئيس القطاع هما أصحاب القرار، ومن يوجهان ويختاران المواد التى يتم إذاعتها، وكان أغلبها مواد مسجلة وممنتجة، واقتصر دورنا على إذاعة مختارات الوزير والمناوى .
هل ساهم إعلام الدولة فى تضليل الرئيس السابق؟
بالفعل ساهم، فقد كان بعض رجال الرئيس يضللونه، منهم بالتأكيد وزير الإعلام والمناوى، اللذان كانا يتعمدان إخباره بأخبار غير حقيقية، وهذا كان جزء من الخداع الاستراتيجى الذى تم ممارسته على الرئيس السابق، حتى لا يعلم حقيقة الأمور, وهذا ما يفسر بطئه فى اتخاذ القرارت حتى يوم التنحى، وهذا ما عجل بنهايته، أى أن من حوله اتسموا بالغباء السياسى كالدبة التى قتلت صاحبها.
هل تم مونتاج لبعض أحاديث الرئيس السابق قبل فترة التنحى؟
نعم، وكان هذا واضحا للجميع، فقد قام مبارك بتوجيه العديد من الكلمات الحاسمة، وأعتقد أن كلمات مبارك الكاملة كان يتم حجبها عن الجمهور، وكان لابد من ظهور الصورة كاملة.
ما الفرق بين قطاع الأخبار فى عهدك وفى عهد المناوى؟
فى عهد المناوى كان الجميع يعلمون أن الإعلام كان خاضعا للنظام السياسى بالدولة، وكل شىء يخضع لمن هو أعلى منك فى السلطة، فلم يكن أحد فى فترة النظام السابق يستطيع اتخاذ أى قرار منفردا، أما الآن فكل شخص مسئول عن مكانه، فرئيس "راديو مصر" مسئول عن "راديو مصر"، وليس لى سلطة على ما يقدمه، ولا أستطيع منع إذاعة حدث فعلى يقع فى أى مكان وأصدر قرارا بعدم إذاعته لصالح سياسة أو سلطة ما تفرض على.
هل لا يزال إعلام الدولة كما كان فى عهد النظام السابق؟
على العكس، فى الفترة الماضية كان لابد أن تأخذ موافقة الجهة الأعلى أولا، سواء كان الرئاسة أو غيرها، أما الآلية التى نعمل بها الآن فهى أن كل مسئول فى مكانه، بشرط إذاعة الخبر حسب أهميته، ولا تجعل أى حدث يفوتك، ورئيس قطاع الأخبار الآن ليس وظيفته تنفيذ القرار، إنما رسم سياسة، فأنا أضع المعايير وأترك لرئيس التحرير سلطة اتخاذ القرار وتنفيذه بشأن التغطية.
أحلت بعض الإعلاميين للتحقيق ومنهم بثينة كامل لمجرد أنها علقت على خبر؟
وظيفتنا كإعلاميين هو نقل الخبر وليس التعليق عليه، فلابد أن أكون جهة محايدة وإلا فقدت مهنيتى الإعلامية، والحرفية أن تأتى بضيوف لهم آراء مختلفة ونعطيهم فرصة الظهور بنفس الدرجة، وهنا تتدخل الخبرة، وهذا ما تقع فيه القنوات الأخرى التى تصب اهتمامها على الرأى وليس على الخبر، وهذا ليس بالمهنية الإعلامية.