رئيس التحرير
عصام كامل

الفقر.. العدو رقم واحد..!!


لعل رئيس مصر القادم يدرك.. أو هكذا يجب أن يدرك أهمية توفير البيئة المحفزة للعمل ويدرك أنه لا تنمية دون استقرار ولا استقرار دون أمن ولا عدالة وديمقراطية دون مجتمع آمن منتج واعٍ رشيد.. ثم هو يدرك أن التعليم والثقافة والبحث العلمى والتدريب المتواصل هي القاطرة الفعلية لأى تقدم.. وأن غياب هذه المقومات يفضى تلقائيًا إلى التخلف والفقر والمرض.

ولا شك أن الفقر هو العدو الرئيسى لأى سلطة حاكمة في مصر، وهو ما كان ينبغى لحكومات ما بعد الثورة أن تركز عليه وتوليه جل اهتمامها، فليس نقص الديمقراطية أو التدين الشكلى هو مكمن الخطر.. فماذا تفيد آليات شكلية للديمقراطية كصناديق الانتخابات التي يجرى تزييف إرادة المواطنين ووعيهم أمامها والتأثير على قناعاتهم بالمال السياسي أو الشعارات الجوفاء؟.. وماذا تفيد هذه الآليات في بناء مجتمع المعرفة والإنتاج.. وماذا يفيد التدين الشكلى الذي يولد التعصب ويغيب العقل ويعمق الانقسام والإقصاء ويبعد الأتباع عن القضية المركزية وهى تحرر الإنسان وعمارة الأرض والحفاظ على العقل والدين والنسل والمال والنفس؟.. وهل تبنى الأيديولوجيات مجتمع الرفاهية ناهيك عن الكفاف والكفاية؟
لقد مرت بنا تجربة الإسلام السياسي في الحكم ووعد المتأسلمون الفقراء بأن فقرهم في الدنيا سيتحول إلى غنى في الآخرة ودفعوهم لعالم الأوهام بدلًا من أن يذكروهم بأن الله طالبنا بإعمال العقل والقراءة والسياحة في الأرض وإتقان العمل والتدبر في آياته سبحانه وتعالى..!!

إن غياب المشروعات القومية الحاضنة للوعى والمحفزة للعمل وغياب العدالة الاجتماعية وعمل آلة الفساد بكفاءة أكسب الجماعات المتدثرة بالدين أرضية في الشارع باعوا بمقتضاها الوهم للجماهير، فحشدوهم خلف هذا التيار حتى ظهر وكأنه اللاعب الوحيد في الساحة السياسية القادر على التعبئة وكسب الأصوات.. وهو ما آن الأوان لأن يتغير، وأن تنهض مؤسسات الدولة كالأزهر والكنيسة والجامعات وينهض المفكرون والعلماء بدورهم في قيادة الجماهير نحو الاستنارة وفك الاشتباك بين الدين والسياسة، حتى لا يقع المجتمع في حبائل التيار المتأسلم الذي أعاق الثورة والدولة ودفعهما نحو الهاوية..!!

المصريون أكثر شعوب الأرض تدينًا ورقيًا حضاريًا ومن ثم فلا ينقصهم التدين بقدر ما ينقصهم الوعى بالدين الحق والتنمية المستدامة، وهو ما أكده الدستور حين أتاح الفرصة متكافئة للجميع على أرضية المواطنة، ومنع الخلط بين الدين والسياسة ليتنافس الجميع ويتفاضلوا بالكفاءة والإنجاز وليس بالولاء والانتماء.

إن أهم التحديات أمام الرئيس القادم هي العودة سريعًا للعمل والإنتاج بحسبانه الطريقة والخيار الوحيد للخروج من الأزمة والفوضى ووقف جميع الاعتصامات والإضرابات في مقابل الوعد بتحقيق المطالب المستحقة في وقتها، ومنع جميع الإجراءات الاستثنائية، ووضع أجندة محددة المواقيت والخطوات لحل مشاكل الناس وتحسين أحوالهم.. وضرورة الاستمرار في مواجهة عنف وإرهاب الإخوان بقوة القانون حتى يتم دحر هذا الإرهاب، وتهيئة المجتمع لتوافق وطنى يغير ذلك المناخ النكد والمزاج الشعبى العكر الذي خلفه حكم الإخوان وسقوطهم وما تبعه من إحباط وثأر وانتقام وكراهية..!! وحتى يتغير هذا المناخ وذاك المزاج فلابد من اتخاذ إجراءات سريعة على الأرض..
ونستكمل في المقال القادم....................


الجريدة الرسمية